239- كاتب إنجيل يهوذا من طائفة القاينيين
الكاتب فى الحقيقة هو من طائفة غنوسية اسمها طائفة القاينيين Canians، وأصحاب هذه الطائفة يدافعون عن قايين ابن آدم الذى قتل أخاه هابيل ويبررونه ويبرئونه، كما يبرئون السادوميين أى أهل سدوم وعمورة الذين عاشوا فى أيام نوح وكانوا يمارسون الشذوذ الجنسى. ويبرئون قورح وداثان وأبيرام الذين قدموا ناراً غريبة فى أيام موسى النبى فانشقت الأرض وابتلعتهم أحياء ونزلوا أحياء إلى الهاوية، لأنهم كانوا ينافسون هارون الكاهن فى كهنوته والله هو الذى اختار هارون. كما قاموا بعمل ثورة ضد موسى النبى. وهم يبرئون عيسو الذى باع البكورية لأجل أكلة عدس، والمعروف أن يعقوب هو الذى أخذ البركة.. تبرئة قايين.. تبرئة عيسو.. تبرئة السادوميين.. تبرئة قورح وداثان وأبيرام.. كل مجرم أو شرير أو قاتل أو منحرف فى تاريخ البشرية يثبتون أنه بطل وأن الذين حكموا عليه أو أدانوه هم المخطئين.
إنجيل يهوذا مملوء بالهزء والسخرية على تلاميذ المسيح الأحد عشر الباقين. بمعنى أن المسيح اختار اثنى عشر تلميذاً لم يخرج منهم سوى واحد فقط صالح.. هل هذا يعقل؟!!! السيد المسيح قال “أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ! قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعاً أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ” (يو 6: 70-71). لكن هل يعقل أن يختار أحد عشر من الفاشلين وواحد فقط صالح؟!؟ فما الداعى لهم إذن؟!؟
لكنه اختار يهوذا مع جملة الاثنى عشر لكى يرينا ما الذى يعمله الخائن، ولكى يكون هذا هو الدور الذى يقوم به، مع أن المسيح لم يدفعه لذلك بل عاتبه بقوله: “إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ” (مت 26: 24).
الغنوسيون لم يقوموا بكتابة إنجيل يهوذا فقط لكنهم كتبوا إنجيل فيلبس وإنجيل بطرس وإنجيل المصريين وإنجيل مريم وإنجيل أعمال الرسل وكتبوا كثير من الكتب التى قد تصل إلى خمسين كتاباً وادعوا أنها أسفار مقدسة أو أناجيل. إلا أن القديس إيرينئوس حوالى عام 180م كتب عن هذا الإنجيل وقال إنه إنجيل مملوء بالخرافات التاريخية fictitious history أى تاريخ خرافى. وقال إن الكنيسة لم تقبل سوى أربعة أناجيل فقط هى: متى ومرقس ولوقا ويوحنا . وقد كتبت هذه الأناجيل حسب ما هو مقرر تاريخياً بحسب رأى العلماء بين عامى 65 و95م. ولدينا بالفعل نسخة من إنجيل يوحنا ترجع إلى حوالى 200م وقصاصات من إنجيل يوحنا من عام 125م.
أما عن إنجيل يهوذا فليس لدينا شئ منه قبل عام 300م. والنسخة الوحيدة هى الترجمة القبطية التى تم العثور عليها مؤخراً. والمعروف أن زمن كتابة هذا الإنجيل المزعوم لا يتخطى إلى الوراء عام 150م. أما الأناجيل المعروفة فكتبت بين عامى 65 و95م.
240- الإجماع على الأناجيل الأربعة منذ أيام الرسل
لكن على العموم فى وسط هذا التشويش ألا يجب أن تكون هناك مرجعية نحتكم إليها؟ فما هى المرجعية التى نحتكم إليها؟
جاءنا من يقول إن هذا إنجيل ونحن معنا ما نقول إنه إنجيل.. فما المرجعية؟ المرجعية هى الكتاب المقدس بأكمله. فالكتاب يقول “إِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ” (رؤ19: 10). ومكتوب “مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ” (اف2: 20). هل المسيحية جاءت من فراغ؟ أم كما رأينا فى سفر إشعياء الأصحاح 53 كثير من الأمور الخاصة بالسيد المسيح وردت فى نبوة إشعياء. بل أن كل أسفار العهد القديم تشهد للسيد المسيح، تشهد عن ميلاده، وعن مذبحة أطفال بيت لحم، وعن ميلاده فى بيت لحم، وعن مجيئه إلى مصر، وعن مقبرة الفخارى إلخ.
يجب أن يكون هناك مبدأ وهو أنه حينما تكثر الأناجيل نحن نحتكم إلى الإجماع. والإجماع شئ هام جداً.. فقد أجمعت الكنائس أن هذه الأربعة أناجيل هى الأناجيل الحقيقية وهذا الإجماع تسلسل منذ أيام الرسل إلى أيامنا هذه. لم يحدث أنه كان هناك إجماع على شئ قبل مجمع نيقية وانقلب إلى إجماع مضاد بعد مجمع نيقية. حتى أن أريوس نفسه الذى أنكر ألوهية المسيح وتم حرمه فى مجمع نيقية لم يدّعِ أن هناك إنجيلاً آخر غير الأربعة أناجيل المعروفة . ولم يدّعِ أريوس أن الأناجيل الأربعة بها أى تزوير، بل استخدم نفس الآيات التى استخدمها الآباء أيضاً فى الرد عليه أو فسروا الآيات التى أساء تفسيرها أو استخدموا آيات أخرى حاول هو أن يتحاشاها. لكنه لم يدّعِ أنها ليست موجودة. كما أن الآيات التى استخدمها لم تحذف من الأناجيل، ولازالت موجودة إلى اليوم, ومع أنه أساء تفسيرها، إلا أن الكنيسة استبقتها كما هى إلى اليوم لأنه لا يمكنها أن تغير شئ. إذن الاجماع منذ أيام الرسل إلى يومنا هذا هو على الأربعة أناجيل.
هناك أيضاً عملية البحث فى أقدم المخطوطات.
241- المسيحية بُنِيَت على شهادة الأنبياء
هناك عمود فقرى فى المسيحية وهو أن المسيحية لم تأت من فراغ لكنها بنيت على شهادة الأنبياء قبل مجيئ المسيح بمئات أو آلاف السنين. هناك ما لا يقل عن أربعة آلاف سنة من الرموز والنبوات وسجلت فى التوراة وما بعدها حوالى 1600 سنة قبل السيد المسيح. فشهادة هذه الأسفار للسيد المسيح لا يمكن تغافلها خاصة أنها تذكر بدقة أحداثاً حدثت بعد أن قيلت هذه النبوات بآلاف السنين أو على الأقل مئات السنين.