236- إنجيل يهوذا المزعوم
235- الخلاصة في إنجيل برنابة!
ولذلك فإن كل المنصفين من علماء المسلمين وكبار الأدباء تبرأوا من هذا الكتاب وقالوا أنه كتاب مملوء بالأخطاء والخرافات ويجب أن نتبرأ منها. فإذا كان هذا رأى علماء المسلمين فبالأولى يكون هذا هو رأى الكنيسة. لأنه إلى جوار الخرافات والأخطاء الموجودة فيه، فأنه ينكر عقائد أساسية فى المسيحية. كما أن اليهود أيضاً لم يقبلوا هذا الكتاب.
أما أنصاف المتعلمين فهم الذين يحاولون أن يعملوا ضجة حول هذا الكتاب بدعوة أن هذا هو الإنجيل الحقيقى، بينما الأناجيل الموجودة لدينا هى أناجيل مزيفة.
نحن مستعدون أن نضع الحقائق أمام من يريد ونناقشها. فإن كان أى شخص يقبل أن الشيطان يبصق، وأن الكلب هو الذى يخلص الإنسان، إلخز فليقل لنا.. هذه الأمور لا يقبلها أى إنسان عاقل. ولذلك يوجد كثير من الناس يتحمسون لبعض القضايا دون أن دراسة هناك آخرون يقولون للظلمة نوراً وللنور ظلمة وعن هؤلاء قال الله:
“وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْراً وَلِلْخَيْرِ شَرّاً الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُوراً وَالنُّورَ ظَلاَماً الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْواً وَالْحُلْوَ مُرّاً” (اش5: 20).
أنا أحذر من لوى الحقائق وقلبها. لكن الحوار مع الذين يقولون هذا الكلام لا يجب أن يكون بالمشاجرة. فالحوار العقلانى هو الذى يستطيع أن يقدم الحقيقة بطريقة يقبلها الآخر بينما التشدد والكلمات الجارحة تؤدى إلى مزيد من الشقاق ومزيد من التباعد . نحن كمسيحين عندنا وصية تقول: “مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ” (1بط 3: 15). أى يجب أن يكون التعامل مع الناس بوداعة وخوف من الله. لأن الإنسان لابد أن يسلك فى خوف الله ولا يخاف من الناس.
ظهر فى الآونة الأخيرة مخطوط على ورق البردى مكتوب عليه باللغة القبطية اسم إنجيل يهوذا. وهذا الموضوع أثار ضجة كبيرة لذلك نحتاج إلى توضيح بعض الأمور التى تخصه.
إنجيل يهوذا المزعوم:
كُتب إنجيل يهوذا فى منتصف القرن الثانى الميلادى باللغة اليونانية. وقد تم العثور على نسخة من هذا الإنجيل فى جبل كرارة بجانب المنيا فى صعيد مصر، بطريق الصدفة. وهذه النسخة التى تم العثور عليها مكتوبة على ورق البردى باللغة القبطية وترجع لعام 300م، وهى ليست النسخة الأصلية، لكنها النسخة الوحيدة الموجودة فى العالم حالياً. هذه النسخة بها كثير من الأجزاء المفقودة، وهى متهالكة تماماً. لكن فى نهايتها مكتوب بوضوح باللغة القبطية عبارة “إنجيل يهوذا”.
صدرت كثير من الكتب فى الخارج عن هذا المكتشف، وقد حصلت على البعض منها. من ضمن هذه الكتب كتاب بعنوان The Lost Gospel أى “الإنجيل المفقود”. كاتب هذا الكتاب لا يؤيد إنجيل يهوذا أو يعتبره إنجيلاً حقيقياً، لكنه يتحدث من الناحية التاريخية والعلمية ويترك للقارئ اختيار الاتجاه الذى يناسبه. وعلى غلاف نفس الكتاب مكتوب أيضاً The Quest for The Gospel of Judas Iscariot بمعنى “حول إنجيل يهوذا الإسخريوطى”. أى أن الكتاب يشمل المناقشات والحوارات والتساؤلات حول هذا الموضوع.
هناك كتاب آخر على سبيل المثال باسم The Gospel of Judas أى “إنجيل يهوذا” . وهذا الكتاب ليس له إتجاه علمى مجرد لكنه يميل إلى رفض كتاب “إنجيل يهوذا” وإثبات أنه غير صحيح.
حينما نقول أن هذا الإنجيل هو غير صحيح لا نقصد بذلك أن المخطوط ملفق فى هذه الأيام أو أنه ليس مخطوطاً أثرياً. هو مخطوط قديم وهو حقاً قديم، ومكتوب باللغة القبطية، لكن كاتبه ليس هو يهوذا الإسخريوطى.
237- كيف يكون يهوذا هو كاتبه؟!
كيف يكون يهوذا الإسخريوطى هو الذى كتبه ويهوذا كان قد انتحر بعد أن سلم السيد المسيح؟ فمتى كتبه؟ خاصة أنه كتب عن الساعات الأخيرة التى سبقت الصلب.
مشكلة هذا الإنجيل المزعوم هى أن كاتبه يدَّعى أن يهوذا كان قد أخذ أمراً من السيد المسيح نفسه بأن يسلمه وقال له يسوع أنه سوف يكون ملعوناً من الناس لكنه سوف يسيطر عليهم وفى النهاية سوف يأخذ أمجاداً عظيمة لأنه سيعمل عملاً كبيراً وهو أنه سيضحى بيسوع وبذلك تتم ذبيحة الفداء. وبذلك يكون قد عمل عملاً عظيماً هو أنه أى يهوذا صار هو السبب فى خلاص البشرية.
يدَّعى الكاتب أن يسوع قال ليهوذا أنه سوف يتخطى التلاميذ جميعاً ويتفوق عليهم جميعاً لأنه سوف يضحى بالإنسان الذى يلبسه. هذا نص ورد فى إنجيل يهوذا، ولدينا النص الكامل المترجم من القبطية إلى الإنجليزية لهذا الإنجيل.
238- فقرات من إنجيل يهوذا المزيف
لا يتسع الوقت لقراءة النص الكامل لهذا الإنجيل لذلك سوف نورد فقرات نشرت عن إنجيل يهوذا فى جريدة The Sydney Morning Herald التى أخذت منا حديث أو مقالة حول هذا الموضوع أثناء وجودنا فى سيدنى ونشرته فى يوم 7 أبريل عام 2006 على الصفحة الأولى وعلى صفحة 11. وما نشر هو بعض مقتطفات من أهم ما ورد فى هذا الإنجيل المزعوم. فقد ورد على سبيل المثال العبارة التالية على لسان يسوع ليهوذا:
You will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me.
وترجمته: “أنك سوف تتفوق عليهم جميعاً (الآباء الرسل) لأنك سوف تضحى بالإنسان الذى ألبسه”.
هذا طبعاً كلام فيه سخف ولا يليق. فنحن لا نقول أن المسيح يلبس إنساناً لكننا نقول إن الكلمة تجسد وأن لاهوته اتحد بناسوته. وتعبير “الإنسان الذى ألبسه” هو تعبير غير سليم.
البعض يقولون إنه إنجيل حقيقى.. هذا الإنجيل لا ينكر أن يسوع صلب. فهو ليس ضد فكرة صلب يسوع، لأن يسوع يقول ليهوذا سوف “تضحى بالإنسان الذى ألبسه” أى تقدم ذبيحة هى هذا الإنسان.
هناك فقرة أخرى يقول يسوع فيها ليهوذا:
You will be cursed by the other generations and you will come to rule over them.
وترجمته: “أنك سوف تلعن فى الأجيال الأخرى لكنك سوف تتمكن من أن تحكمها”.
فى موضع آخر أخذه يسوع على حدة وقال له:
Step away from the others and I shall tell you the mysteries of the kingdom. It is possible for you to reach it, but you will grieve a great deal.
وترجمته: “تعالَ بعيداً عن الآخرين وأنا سوف أخبرك بأسرار المملكة. أنت تستطيع أن تصل إليها لكنك سوف تحزن كثيراً”.
وكأنه يقول له ابتعد عن باقى التلاميذ لأنهم لا يفهمون شيئاً، وتعال أنت الذى سوف تفهم أسرار الملكوت، لأنك تقدر أن تصل إليها، وإن كنت سوف تحزن كثيراً. ما هو هدف كاتب كتاب كل هدفه هو أن يخرج بيهوذا وكأنه بطل ضحى بالمسيح؟