كم كان عمر إسماعيل عندما طرده إبراهيم مع هاجر أمه؟
أ ـ يبدو انه كان طفلا رضيعا ” فبكر إبراهيم صباحا و اخذ خبزا و قربة ماء و اعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها و الولد و صرفها فمضت و تاهت في برية بئر سبع. و لما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار. و مضت و جلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس لأنها قالت لا انظر موت الولد فجلست مقابله و رفعت صوتها و بكت. فسمع الله صوت الغلام و نادى ملاك الله هاجر من السماء و قال لها ما لك يا هاجر لا تخافي لان الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو. قومي احملي الغلام…. ” [ تك 21/14ـ18]. فمن قول الكتاب ” طرحت الولد “، ومن قول الملاك ” قومي احملي الغلام ” يظهر أن إسماعيل كان في عمر الطفولة.
ب ـ كان إسماعيل أقرب إلى سن الشباب لان الفارق في السن بينه وبين اسحق أربعة عشر عاما، فإبراهيم أنجب إسماعيل في سن الـ 86 [تك16/16]، بينما أنجب إبراهيم اسحق في سنة المئة عام [تك21/5] وطرد هاجر وابنها إسماعيل بعد فطام اسحق [تك 21/8] أي نحو عامين…. إذا كان عمر إسماعيل نحو ستة عشر عاما أو أكثر.
1- قال الكتاب ” ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار.. لأنها قالت لا أنظر موت الولد.. ونادى ملاك الله هاجر من السماء وقال لها.. قومي أحملي الغلام وشدي يدك به” (تك 21: 15 – 18) لقد اصطحبت هاجر ابنها إسماعيل في برية بئر سبع وتاهت، وفرغ الماء فأصيب كلاهما بالإعياء، ولكن الجارية كان لها المقدرة على التحمل أكثر من ابنها الذي تربى على الرفاهية في بيت أبيه الغني إبراهيم، فعندما خار إسماعيل في الطريق لا بُد أن أمه سندته حتى خارت قواها هي أيضًا، فتركته تحت إحدى الأشجار، وجاء تعبير الكتاب ” طرحته ” ليس بمعنى أنها كانت تحمله على كتفها، ولكن بمعنى أن تخلت عن مساندته بسبب عجزها، والدليل على هذا أن الكتاب قد أوضح من قبل أن هاجر كانت تحمل على كتفها الخبز وقربة الماء، أما إسماعيل فلابد أنه كان يسير بجوارها ” فبكر إبراهيم صباحًا وأخذًا خبزًا وقربة ماء وأعطاهما لهاجر واضعًا إياهما على كتفها والولد وصرفها” (تك 21: 14) فقول الكتاب ” واضعًا إياهما “ تعود على الخبز وقربة الماء.
2- أطلق الكتاب على إسماعيل ” الغلام ” فيقول ” فسمع الله صوت الغلام.. لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام” (تك 21: 17) وقول ملاك الرب لهاجر ” قومي أحملي الغلام وشدي يدك به” (تك 21: 18) فقوله ” وشدي يدك به “ أي أنهضيه من انطراحه.
3- يقول ” أ. ف. كيفن“.. ” {طرحت الولد تحت إحدى الأشجار} لا داعي لأن نفترض أن هذا الجزء يتناقض مع أجزاء أخرى في سفر التكوين، أو نتصوَّر أن هذا الولد الذي بلغ السابعة عشرة كانت أمه تحمله كطفل بين ذراعيها، فالصحراء القاحلة سببت الإعياء للأم وابنها، لكن الشاب الغض ضعف جسده بسرعة أكثر من الأم التي كانت قد اعتادت على الحياة في الصحراء، فإسماعيل خار من الإعياء وقد عملت هاجر كل ما في وسعها حتى تسنده، لكنها يئست أخيرًا {وطرحته} تحت ظل شجرة”(3).
4- يقول أبونا أغسطينوس الأنبا بولا ” بالفعل كان عمر إسماعيل نحو 16 عامًا عندما طُرد مع أمه بعد قصة مزاحه الرديء مع أخيه الفطيم إسحق الذي كان في نحو السنتين، لكن يبدو أن البعض فهموا من قول الكتاب أنه كان طفلًا، لأن ملاك الرب قال لأمه في رحلتها {قومي أحملي الغلام} لكن هذا تصرف طبيعي من أم ترى ابنها وقد أُصيب بالإغماء نتيجة العطش ومشقة السير الطويل تحت حرارة الشمس في الصحراء، فطرحته تحت شجرة منتظرة موته، لكنها عندما عرفت طريق الماء ذهبت وملأت القربة وسقته وأسندته وربما حملته لتساعده على المسير لاستكمال الرحلة الطويلة إلى مصر”(4).
_____
(1) البهريز جـ 1 س283، س477.
(2) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 55.
(3) مركز المطبوعات المسيحية جـ 1 ص 182.
(4) من إجابات أسئلة سفر التكوين.