القلب النقي هو العين الروحية الداخلية التي ترى ما لا يري.
النقاوة” كما جاءت في التعبير اليوناني إنما تشير إلى الغسل والتطهير كإزالة الأوساخ من الملابس، وتعني أيضا تنقية ما هو صالح مما هو رديء كفصل الحنطة عن التبن، وتطهير الجيش من الخائفين. وتستخدم أيضا بمعنى وجود مادة نقية غير مغشوشة، كتقديم لبن بلا مادة غريبة. هكذا القلب الذي ينحني على الدوام عند أقدام ربنا يسوع المسيح يغتسل على الدوام بالدم المقدس فيتنقى من كل شائبة، ويقوم الروح القدس نفسه الذي تمتع به خلال سري العماد والميرون بحراسته، فلا يترك مجالا لفكر شرير أو نظرة رديئة أن تقتحمه، ولا يسمح لشهوة رديئة أن تسيطر عليه… وهكذا يصفو القلب ويتنقى بكل اشتياقاته وأحاسيسه ودوافعه فلا يطلب في كل شيء إلا الله وحده، فيعاينه خلال الإيمان بالروح القدس الساكن فيه.
يقول القديس أغسطينوس: لننق قلوبنا بالإيمان، لكي تتهيأ لذاك الذي لا يوصف، أي للرؤيا غير المنظورة. لنجاهد بالعفة حتى يتطهر ذاك الذي يرفع الإنسان الله.
هذا هو غاية حبنا، هذه هي النهاية التي بها نصير كاملين غير هالكين… فإننا إذ تعاين الله لا نحتاج بعد لشيء من أفعالنا وأعمالنا الصالحة واشتياقاتنا ورغباتنا الطاهرة. لأنه ماذا نطلب بعد مادام الله حاضرا؟ ماذا يشبع الإنسان ما لم يشبعه الله؟
سبق رب المجد فنكر المطلوبين وأسباب تطويبهم، ذاكرا أعمالهم وجزاءاتهم واستحقاقاتهم دون أن يذكر عن أحدهم أنه يعاين الله”، ولكن عند ذكره نقاوة القلب وعد بمعاينة الله، ذلك لأن القلب يحوي العيون التي تعاين الله هذه العيون يتحدث عنها الرسول بولس قائلا: “إنارة عيون قلوبكم” (أف 1: ۱۸). أنها تستنير الآن بالإيمان، إذ يتناسب مع ضعفنا، أما في الأبدية، فتستنير بمعاينة الله بسبب قوتها: “فإذ… نحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الرب. لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان” (۲ کو 5: 6-7). وإذ نسلك الآن بالإيمان يقال عنا: “فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز، ولكن حينئذ وجها لوجه” (1 كو ۱۳: ۱۲).
إن كل ما تقدمه الكتب المقدسة الإلهية لا يهدف إلا إلى تنقية النظر الباطني مما يمنعه عن رؤية الله. وكما أن العين خلقت لكي ترى هذا النور الزمني حتى إذا دخلها جسم غريب عكر صفوها وفصلها عن رؤية ذلك النور، كذلك هي عين قلبك، فإنها إن تعكرت وجرحت، مالت عن نور البرز وما تجاسرت أو تمكنت من النظر إليه… وما الذي يعكر صفاء عين قلبك؟ الشهوة والبخل والإثم والدة العالمية؛ هذا كله يعكر عين القلب ويغلقها ويعميها”.
يقول العلامة أوريجينوس: أمن له القلب النقي يرى الله (مت 5: 8). أما من ليس له القلب النقي، فلا يرى ما يراه الآخرون. أعتقد أنه يلزمنا أن نفهم شيئا مثل هذا بخصوص المسيح أيضا حين تظر في الجسد. فإنه ليس كل من ألقى بنظره عليه كان قادرا أن يراه. لقد رأوا جسمه، لكنهم لم يقدروا أن يروه من حيث أنه هو المسيح. أما تلاميذه فرأوه ونظروا عظمة لاهوته
يقول القديس إكليمنضس السكندري: لماذا يطلب الإنسان بعد أن ينال النور الذي لا يدني منه؟
ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: (هنا يدعو أنقياء” من حصلوا على كل فضيلة، أو الذين لا يحملون أية مشاعر شر فيهم، أو الذين يعيشون في العقة. فإنه ليس شيء نحتاج إليه لمعاينة الله مثل الفضيلة الأخيرة. لهذا يقول بولس أيضا: “اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب” (عب ۱۲: ۱۹).
القمص تادرس يعقوب ملطي
القلب النقي هو العين الروحية الداخلية التي ترى ما لا يري.
النقاوة” كما جاءت في التعبير اليوناني إنما تشير إلى الغسل والتطهير كإزالة الأوساخ من الملابس، وتعني أيضا تنقية ما هو صالح مما هو رديء كفصل الحنطة عن التبن، وتطهير الجيش من الخائفين. وتستخدم أيضا بمعنى وجود مادة نقية غير مغشوشة، كتقديم لبن بلا مادة غريبة. هكذا القلب الذي ينحني على الدوام عند أقدام ربنا يسوع المسيح يغتسل على الدوام بالدم المقدس فيتنقى من كل شائبة، ويقوم الروح القدس نفسه الذي تمتع به خلال سري العماد والميرون بحراسته، فلا يترك مجالا لفكر شرير أو نظرة رديئة أن تقتحمه، ولا يسمح لشهوة رديئة أن تسيطر عليه… وهكذا يصفو القلب ويتنقى بكل اشتياقاته وأحاسيسه ودوافعه فلا يطلب في كل شيء إلا الله وحده، فيعاينه خلال الإيمان بالروح القدس الساكن فيه.
يقول القديس أغسطينوس: لننق قلوبنا بالإيمان، لكي تتهيأ لذاك الذي لا يوصف، أي للرؤيا غير المنظورة. لنجاهد بالعفة حتى يتطهر ذاك الذي يرفع الإنسان الله.
هذا هو غاية حبنا، هذه هي النهاية التي بها نصير كاملين غير هالكين… فإننا إذ تعاين الله لا نحتاج بعد لشيء من أفعالنا وأعمالنا الصالحة واشتياقاتنا ورغباتنا الطاهرة. لأنه ماذا نطلب بعد مادام الله حاضرا؟ ماذا يشبع الإنسان ما لم يشبعه الله؟
سبق رب المجد فنكر المطلوبين وأسباب تطويبهم، ذاكرا أعمالهم وجزاءاتهم واستحقاقاتهم دون أن يذكر عن أحدهم أنه يعاين الله”، ولكن عند ذكره نقاوة القلب وعد بمعاينة الله، ذلك لأن القلب يحوي العيون التي تعاين الله هذه العيون يتحدث عنها الرسول بولس قائلا: “إنارة عيون قلوبكم” (أف 1: ۱۸). أنها تستنير الآن بالإيمان، إذ يتناسب مع ضعفنا، أما في الأبدية، فتستنير بمعاينة الله بسبب قوتها: “فإذ… نحن مستوطنون في الجسد، فنحن متغربون عن الرب. لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان” (۲ کو 5: 6-7). وإذ نسلك الآن بالإيمان يقال عنا: “فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز، ولكن حينئذ وجها لوجه” (1 كو ۱۳: ۱۲).
إن كل ما تقدمه الكتب المقدسة الإلهية لا يهدف إلا إلى تنقية النظر الباطني مما يمنعه عن رؤية الله. وكما أن العين خلقت لكي ترى هذا النور الزمني حتى إذا دخلها جسم غريب عكر صفوها وفصلها عن رؤية ذلك النور، كذلك هي عين قلبك، فإنها إن تعكرت وجرحت، مالت عن نور البرز وما تجاسرت أو تمكنت من النظر إليه… وما الذي يعكر صفاء عين قلبك؟ الشهوة والبخل والإثم والدة العالمية؛ هذا كله يعكر عين القلب ويغلقها ويعميها”.
يقول العلامة أوريجينوس: أمن له القلب النقي يرى الله (مت 5: 8). أما من ليس له القلب النقي، فلا يرى ما يراه الآخرون. أعتقد أنه يلزمنا أن نفهم شيئا مثل هذا بخصوص المسيح أيضا حين تظر في الجسد. فإنه ليس كل من ألقى بنظره عليه كان قادرا أن يراه. لقد رأوا جسمه، لكنهم لم يقدروا أن يروه من حيث أنه هو المسيح. أما تلاميذه فرأوه ونظروا عظمة لاهوته
يقول القديس إكليمنضس السكندري: لماذا يطلب الإنسان بعد أن ينال النور الذي لا يدني منه؟
ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: (هنا يدعو أنقياء” من حصلوا على كل فضيلة، أو الذين لا يحملون أية مشاعر شر فيهم، أو الذين يعيشون في العقة. فإنه ليس شيء نحتاج إليه لمعاينة الله مثل الفضيلة الأخيرة. لهذا يقول بولس أيضا: “اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب” (عب ۱۲: ۱۹).