لا يمكن فصل العضو عن الجماعة، ولا الجماعة عن العضو، كل نمو في حياة الجماعة هو البنيان الأعضاء، وكل نمو حقيقي في حياة الأعضاء هو لبنيان الجماعة. لذلك إذ نسمع تعبير القياس قامة ملء المسيح” لا نحسبه خاص بالكنيسة كجماعة فحسب، ولا كأعضاء منعزلين، إنما هو حث للجماعة ككل ولكل عضو لعله يبلغ هذا المرتفع الشاهق.
هنا المرتفع شاهق جدا، لأن الرسول يريدنا بإرادتنا الحرة أن نجاهد بقوة النعمة بلا انقطاع سالكين في هذا الطريق بلا توقف. ليتنا إذ نسمع هذا لا نيأس، متذكرين كلمات الأب سيرينيوس : يليق بنا ألا ننسحب من جهادنا في السهر بسبب اليأس الخطير، لأن “ملكوت السماوات يغضب والغاصبون يختطفونه” (مت ۱۲ : ۱۱ ). فلا يمكن نوال فضيلة بدون جهاد. ويحدثنا الأب ثيوناس؟ عن الجهاد معلنا أن الله لا يلزمنا على صعود مرتفعات الصلاح العالية والسامية لكنه يحثنا بنصائحه وشوقنا لبلوغ الكمال بإرادتنا الحرة.
الآن بعد أن شوقنا الرسول للارتفاع على الجبال السماوية الشاهقة لنبلغ قياسي قامة ملء المسيح”، حرنا من المعوقات، مطالبا إيانا بالجهاد بلا انقطاع، كأطفال صغار يحتاجون إلى النمو بغير توقف بالرغم من الصعاب التي تواجهنا، إذ يقول: لكي لا تكون في ما بعد أطفالا مضطربين وممولين بكل ريح تعليم، بحيلة الأسي، يمكر إلى مكيدة الضلال. بل صادقين في المنية، تنمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح” (أف 4: 14-15).
كأن السيد المسيح يعمل في أناس هم أطفال غير ناضجين، يسندهم ونبنيهم ليقيمهم رجالا ناضجين روحيا، وعوض الضعف يهبهم قوة. بمعنى آخر، يعيش كل عضو داخل الكنيسة في حركة مستمرة بلا انقطاع نحو الملء والكمال، ناميا في المحبة، أي في المسيح الذي لم يرض نفسه (رو 15: 3)، بل أحب الكل، باذلا حياته ليقيم الكنيسة.
يقارن الرسول بولس الكنيسة بالسفينة وسط مياه هذا العالم، فإن لم يعمل كل البحارة معا بروح واحد يصيرون كأطفال يتعرضون لمتاعب كثيرة، ولا يقدرون على مقاومة الرياح والأمواج فيهلكون.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الرسول هنا يتحدث عن الكنيسة كبناء واحد، إن لم يعمل الكل مقا فيه يتعرض للهدم ويفقد الكل حياته، إذ يعلق على هذا النص، قائلا:
(بقوله: “لا تكون في ما بعد” يظهر أنهم كانوا هكذا في القديم، حاسبا نفسه أيضا موضوع تصحيح معهم. يود أن يقول بأنه يوجد عاملون كثيرون كي لا يهتز البناء، فتكون الحجارة مثبتة لا محمولة (إلى هنا وهناك). هذه هي سمة الأطفال أن يحملوا إلى هنا وهناك فيضطربون ويهتزون… لقد قدم هذا التشبيه ليشير إلى الخطر العظيم الذي تتعرض له النفوس.)
إذ كشف الرسول عن خطورة الحياة بغير وحدانية الإيمان والهدف، مشبها العاملين كأطفال يلهون، كل في واديه، يحملون بريح التعاليم الباطلة، ويسقطون تحت خداع الناس، وينحرفون إلى الضلال، أوضح الالتزام بالسلوك في طريق “الوحدانية” بارتباط الكل بالحب ما تحت قيادة “الرأس المسيح” الواحد، مشبها الكنيسة بالجسد فتنمو الأعضاء معا خلال اتحادها فيه، وتنال بنيانها خلال عمله فيها (كو 1: ۱۸).
الجسد كله ينمو مقا، دون أن يفقد العضو كيانه بل يتمتع قدر قياسه، قدر ما يسع ينال من الرأس نموه. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: تعتمد نفوس البشر عليه كأعضاء، فينعم كل عضو منفرد بعنايته الإلهية وعطية المواهب الروحية قدر ما يناسب قياسه، هذا يؤدي إلى نموهم..
يليق بكل عضو ليس فقط أن يكون متحدا بالجسد، وإنما يكون أيضا في مكانه اللائق به، وإلا فقد اتحاده بالجسد وخرم من تقبل الروح.
خلال وحدانية الهدف ننعم بالمحبة التي تربطنا معا بالرأس، فيعمل هو فينا، كل في موقعه بما يناسبه لبنيان الجسد كله، فلا نكون مجرد جماعة عاملة معا، وإنما أعضاء لبعضنا البعض، يعمل الرأس فينا بالحب، كل حسب موهبته التي يهبها إياه بروحه القدوس.
القمص تادرس يعقوب ملطي
لا يمكن فصل العضو عن الجماعة، ولا الجماعة عن العضو، كل نمو في حياة الجماعة هو البنيان الأعضاء، وكل نمو حقيقي في حياة الأعضاء هو لبنيان الجماعة. لذلك إذ نسمع تعبير القياس قامة ملء المسيح” لا نحسبه خاص بالكنيسة كجماعة فحسب، ولا كأعضاء منعزلين، إنما هو حث للجماعة ككل ولكل عضو لعله يبلغ هذا المرتفع الشاهق.
هنا المرتفع شاهق جدا، لأن الرسول يريدنا بإرادتنا الحرة أن نجاهد بقوة النعمة بلا انقطاع سالكين في هذا الطريق بلا توقف. ليتنا إذ نسمع هذا لا نيأس، متذكرين كلمات الأب سيرينيوس : يليق بنا ألا ننسحب من جهادنا في السهر بسبب اليأس الخطير، لأن “ملكوت السماوات يغضب والغاصبون يختطفونه” (مت ۱۲ : ۱۱ ). فلا يمكن نوال فضيلة بدون جهاد. ويحدثنا الأب ثيوناس؟ عن الجهاد معلنا أن الله لا يلزمنا على صعود مرتفعات الصلاح العالية والسامية لكنه يحثنا بنصائحه وشوقنا لبلوغ الكمال بإرادتنا الحرة.
الآن بعد أن شوقنا الرسول للارتفاع على الجبال السماوية الشاهقة لنبلغ قياسي قامة ملء المسيح”، حرنا من المعوقات، مطالبا إيانا بالجهاد بلا انقطاع، كأطفال صغار يحتاجون إلى النمو بغير توقف بالرغم من الصعاب التي تواجهنا، إذ يقول: لكي لا تكون في ما بعد أطفالا مضطربين وممولين بكل ريح تعليم، بحيلة الأسي، يمكر إلى مكيدة الضلال. بل صادقين في المنية، تنمو في كل شيء إلى ذاك الذي هو الرأس: المسيح” (أف 4: 14-15).
كأن السيد المسيح يعمل في أناس هم أطفال غير ناضجين، يسندهم ونبنيهم ليقيمهم رجالا ناضجين روحيا، وعوض الضعف يهبهم قوة. بمعنى آخر، يعيش كل عضو داخل الكنيسة في حركة مستمرة بلا انقطاع نحو الملء والكمال، ناميا في المحبة، أي في المسيح الذي لم يرض نفسه (رو 15: 3)، بل أحب الكل، باذلا حياته ليقيم الكنيسة.
يقارن الرسول بولس الكنيسة بالسفينة وسط مياه هذا العالم، فإن لم يعمل كل البحارة معا بروح واحد يصيرون كأطفال يتعرضون لمتاعب كثيرة، ولا يقدرون على مقاومة الرياح والأمواج فيهلكون.
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الرسول هنا يتحدث عن الكنيسة كبناء واحد، إن لم يعمل الكل مقا فيه يتعرض للهدم ويفقد الكل حياته، إذ يعلق على هذا النص، قائلا:
(بقوله: “لا تكون في ما بعد” يظهر أنهم كانوا هكذا في القديم، حاسبا نفسه أيضا موضوع تصحيح معهم. يود أن يقول بأنه يوجد عاملون كثيرون كي لا يهتز البناء، فتكون الحجارة مثبتة لا محمولة (إلى هنا وهناك). هذه هي سمة الأطفال أن يحملوا إلى هنا وهناك فيضطربون ويهتزون… لقد قدم هذا التشبيه ليشير إلى الخطر العظيم الذي تتعرض له النفوس.)
إذ كشف الرسول عن خطورة الحياة بغير وحدانية الإيمان والهدف، مشبها العاملين كأطفال يلهون، كل في واديه، يحملون بريح التعاليم الباطلة، ويسقطون تحت خداع الناس، وينحرفون إلى الضلال، أوضح الالتزام بالسلوك في طريق “الوحدانية” بارتباط الكل بالحب ما تحت قيادة “الرأس المسيح” الواحد، مشبها الكنيسة بالجسد فتنمو الأعضاء معا خلال اتحادها فيه، وتنال بنيانها خلال عمله فيها (كو 1: ۱۸).
الجسد كله ينمو مقا، دون أن يفقد العضو كيانه بل يتمتع قدر قياسه، قدر ما يسع ينال من الرأس نموه. وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: تعتمد نفوس البشر عليه كأعضاء، فينعم كل عضو منفرد بعنايته الإلهية وعطية المواهب الروحية قدر ما يناسب قياسه، هذا يؤدي إلى نموهم..
يليق بكل عضو ليس فقط أن يكون متحدا بالجسد، وإنما يكون أيضا في مكانه اللائق به، وإلا فقد اتحاده بالجسد وخرم من تقبل الروح.
خلال وحدانية الهدف ننعم بالمحبة التي تربطنا معا بالرأس، فيعمل هو فينا، كل في موقعه بما يناسبه لبنيان الجسد كله، فلا نكون مجرد جماعة عاملة معا، وإنما أعضاء لبعضنا البعض، يعمل الرأس فينا بالحب، كل حسب موهبته التي يهبها إياه بروحه القدوس.