لماذا دعى الكتاب مريم بأنها أخت هرون (خر 15: 20) ولم يذكر أنها أخت موسى؟ وهل توجد نبية تضرب بالدف وترقص مع النسوة؟ وما هو الهدف التربوي من رقص النبية؟
هل نسيت كلمة المرور؟ الرجاء إدخال بريدك الإلكتروني، وسوف تصلك رسالة عليه حتى تستطيع عمل كلمة مرور جديدة.
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
1- كان هرون هو الأخ الأكبر لموسى، فعمره كان يزيد عن عمر أخيه موسى ثلاث سنوات (خر 6 : 7) فعندما ينسب الكتاب مريم إلى هرون قائلاً ” فأخذت مريم النبية أخت هرون الدف بيدها ” (خر 15 : 20) فهذا لا يمثل ثمة مشكلة، ولاسيما أن مريم عاشت مع هارون بينما أمضى موسى سنوات عمره في قصر فرعون ثم في صحراء سيناء. ونسبة مريم لهارون لا يحط من كرامة موسى النبي، أليس موسى نفسه هو الذي كتب هذا، ونسب مريم أخته لهارون أخيه بل أن هذا يعكس روح التواضع التي يتحلى بها موسى رئيس الأنبياء، الذي سبق وقال أيضاً ” من أنا حتى أذهب إلى فرعون وحتى أُخرِج بني إسرائيل من مصر؟! ” (خر 3 : 11).
2- ليس كل ضرب بالدف هو غير مقبول، فالدف النحاسي مثلاً المستخدم في العبادات يضبط الإيقاع في الأداء، ولعل الأستاذ أبو بكر يعرف أن المسلمين في البداية كانوا يعلنون عن بدء الصلاة بالدف، قبل أن يُعرف الآذان.
3- قال الكتاب ” فأخذت مريم النبية أخت هرون الدف بيدها. وخرجت جميع النسوة وراءها بدفوف ورقص0 وأجابتهم مريم رنموا للرب.. ” (خر 15 : 20، 21) لقد ظهرت مريم هنا كقائدة روحية تُعلّم نساء إسرائيل حياة التسبيح، إذاً فليس كل رقص هو رقص خليع، وما فعلته مريم هنا أو فعله داود أمام تابوت العهد لم يكن إلاَّ حركات إيقاعية موقَّرة، كما إعتاد بنو إسرائيل الرقص بهذه الطريقة المُهذَّبة المحترمة للتعبير عن فرحتهم في لحظات النصرة، وأي نصرة أعظم من النصرة على فرعون وجيشه وقواته ومراكبه وفرسانه؟! بلا شك أنها نصرة عظيمة جداً جداً تحرك الوجدان وتجعل القلب يطفر واللسان يصرخ بآيات الشكر والتسبيح.
4- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر ” يذكر النص القبطي ” بدفوف وتسابيح ” وليس بدفوف ورقص، وهذا النص وارد في صلاة تسبحة نصف الليل التي تُصلى في الكنيسة القبطية يومياً ” [ من إجابات أسئلة سفر الخروج ].
5- يقول ” فيومان مكستورف “.. ” إن أعضاء السنهدرين (المجلس الديني الأعلى) وكبار الكهنة والقادة والرؤساء والمبرزين في الحياة العامة دأبوا في ذلك الإحتفال على المشاركة في الغناء والإنشاد والرقص والتواثب وبأيديهم المشاعل حتى ساعة متأخرة من الليل ” (1).
6- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس ” كان العابدون أحياناً يرقصون رقصاً دينياً من نشوة فرحهم، وهو عبارة عن حركات منتظمة هادئة وقورة.. وقد كان داود يرقص أمام تابوت العهد تعبداً للرب وإبتهاجاً بتابوت عهده ” (2 صم 6 : 14) وقد أُبطل الرقص تقريباً في العبادة بالنسبة لإستعماله في الأغراض العالمية الغير لائقة ” (2).
7- يقول الأخ الإكليريكي مينا عادل إميل – إكليريكية طنطا ” الرقص هو حركات جسديَّة فرديَّة أو جماعيَّة، إما هادئة أو عنيفة، وكان يُعبّر عن الشعور الجماعي، وبعض الرقصات البدائية الشعبية مازالت تمارس لليوم، وهي ما تُدعى بالرقصات الفولكلورية، وهي بعيدة تماماً عن الرقص العنيف مثل الرقص على موسيقى الجاز والذي تصاحبه الحركات الهستيرية، ومثل ما يمارس في الزار من حركات عنيفة وصرخات مجنونة. أما الرقص الهادئ فقد يؤدى أثناء الوقوف مع تحريك هادئ للأرجل والأيدي، والهنود الحمر كانوا يرقصون بتحريك الأذرع وهم جلوس، وكان هناك رقصات تقليدية طقسية محتشمة ومهذبة كالتي كان يمارسها الفراعنة. كما تأثرت الرقصات اليابانية بالرقصات الصينية القديمة.
أما الرقص في العهد القديم فقد كان رقصاً هادئاً بعيداً تماماً عن روح الخلاعة، وبحسب عادات الشعوب حينذاك كان عملاً مقبولاً، مثلما تمارس الآن بعض الرقصات في القبائل الأفريقية أثناء تقديم العبادة، حتى المسيحيون منهم يمارسون تلك الرقصات، ومن أنواع الرقص في العهد القديم رقص الإبتهاج بالنصرة، وهذا ما فعلته مريم النبية الشيخة الوقورة وقد بلغت نحو التسعين من عمرها، ومثل هذا الرقص مارسته إبنة يفتاح إبتهاجاً بنصرة أبيها ” ثم أتى يفتاح إلى المصفاة إلى بيته وإذا بأبنته خارجة للقائه بدفوف ورقص ” (قض 11 : 34) كما مارسته نساء إسرائيل إذ خرجن للقاء الملك شاول بالغناء والرقص ” بدفوف وفرح وبمثلثات ” (1 صم 8 : 6، 7).
وأيضاً داود النبي والملك طفر قلبه بالفرح فتجلى هذا في رقصه أمام التابوت، ولم يكن رقصاً عنيفاً ولا خليعاً، إنما رقصاً هادئاً رزيناً، وهو يشعر أنه في الحضرة الإلهية المتمثلة في تابوت العهد. أما سليمان الملك فعندما نظم طقوس العبادة في الهيكل فقد نظم المسبحين والمغنيين وضاربي الآلات الموسيقية للخدمة في الهيكل، بينما لم نسمع شيئاً عن الراقصين والراقصات، إذاً فرقص داود كان عملاً عارضاً ” [ من أبحاث النقد الكتابي ].
(1) أورده ناجح المعموري – موسى وأساطير الشرق ص 278
(2) تفسير الكتاب المقدَّس – سفر الخروج ص 170 ، 171