يتطلع الأقباط إلى للمعمودية وجرنها كأنهما الهيكل المقدس. فإن جرن المعمودية هو باب السماء الذي يدخل بالمؤمنين إلى هذا الغرش. فالجرن هو رحم الكنيسة، خلاله تنجب أبناء الله السماوي، بفعل الروح القدس، في استحقاقات دم الابن، لهم حق الدخول إلى عرش الله، يتناولون الأسرار المقدسة، ويتحدون مع السماوي. إذ نقبل سر العماد نشارك الرب أعماله الخلاصية لهذا أوصى تلاميذه قبيل صعوده أن يعمدوا، قائلا: “اذهبوا… تلمذوا… عمدوا” (مت ۲۸: ۱۹). وبالفعل انطلقت الكنيسة منذ البداية في طاعة للرب تكرز بالمسيح وخلاصه وفي نفس الوقت تدعو العالم كله للعماد، أي تدعوهم لاختبار الحياة المصلوبة والمقامة في المسيح، وأن يتقبلوا روح المسيا. هذا الفهم اللاهوتي للمعمودية كان له صداه في إقامة المعموديات وفي تحديد مواقعها وأشكالها ومبانيها وأيقوناتها الخ.
في حكمة روحية بالغة حددت الدسقولية موقع المعمودية في الجانب الغربي الشمالي، أي عند المدخل على اليسار. وكأن الروح يريد أنه يعلن للداخلين إلى الكنيسة أنه لا يجوز أن يعبر أحد إلى صفوف المؤمنين وينعم بسر المذبح ما لم يجتز أو داخل المعمودية ليؤكد میلادا روحيا يؤهله للاتحاد بالذبيح الإلهي! فالنفس التي تريد العبور إلى قدس الأقداس لتحيا بالمسيح يسوع حياة إلهية يلزمها أولا أن تدخل مع الرب في مياه الأردن… هذا ما رآه هرماس في القرن الثاني، إذ شاهد الكنيسة برجا مقاما على المياه. يقول Bouyer: هكذا يكون استقطاب الكنيسة عند الشرق بالمذبح مكم باستقطاب آخر عند الغرب بالمعمودية، حيث يتم العبور من عالم الظلمة إلى عالم النور.
وللمعمودية بالطبيعة بابان، أو على الأقل ممران يجتازان بالجرن: واحد تجاه الغرب يدخل منه طالبو العماد تاركين وراء هم عالم الظلمة، والآخر في الشرق يعبرون منه إلى عالم الكنيسة المستنير والمجتمع للإفخارستيا”. هذه الصورة تنقلنا إلى ليالي عيد القيامة في العصور الأولى حيث كانت أفواج
طالبي العماد تدخل الباب الغربي للمعمودية على يسار الكنيسة لتعبر إلى صحن الكنيسة من باب داخلي شرقي، وقد قاموا مع المسيح، يحملون داخلهم روح الرب المقام، مدهونين بمسحة الروح،
لابسين الثياب البيض لمدة أسبوع كامل كخليقة جديدة شبيهة بالسمائيين. متوجين بأكاليل الغلبة ضد قوات الظلمة، حاملين في أيديهم مشاعل مضيئة إذ قبلوا الاستنارة الداخلية.
لقد وردت في قصائد سليمان Odes of Solomon قصيدة عذبة على لسان كل من المعمدين حديثا ينشدها أثناء دخوله صحن الكنيسة: إني خلعت الحماقة وتركتها عني. والرب جددني بثوبه! أنا ارتديت عدم الفساد باسمه. وخلعت الفساد بنعمته! طردت الظلمة، ولبست النور! التحفت بغطاء روحك القدوس، وأنت نزعت عني ثوب الجلد! الرب هو رأسي، تاجي فلا أتركه! هو إكليل الحق، قد شفر لأجلي؟”
نعود إلى موقع المعمودية، فان كل مؤمن أثناء دخوله إلى صحن الكنيسة يرى حتما المعمودية، فيذكر أين ولد، ومن هي أمه، ومن هو أبوه، أو بمعنى أدق يدخل إلى الكنيسة وقد التهب قلبه بحب أمه الروحية وأبيه السماوي. لهذا يقول ترتليان: جرن المعمودية هو عمل الثالوث من أجل خلاص البشرية! بالروح القدس صار الجرن أما للجميع… هذا ما يعنيه المزمور بقوله: “أبي وأمي قد تركاني” (مز ۱۰ : ۲۷ )، إذ فشل آدم وحواء في البقاء إلى الأبد. وأما الرب فضمني… لقد وهبني الجرن أما لي، وصار العلي أبي، والرب الذي اعتمد من أجلنا هو أخي.
ارتبط موقع حجرة المعمودية بفهم الكنيسة اللاهوتي لسر العماد بكونه “نذرا”، فيه التزم المؤمن بجحد الشيطان والدخول في عهد مع المسيح. ففي كل يوم إذ يدخل المؤمن الكنيسة ليشترك في صلاة باكر وعشية يتطلع إلى حجرة المعمودية فيذكر تعهده ويلتزم بوفائه كل يوم. هذا الفهم يظهر بقوة في كتابات آباء الإسكندرية، خاصة العلامة أوريجينوس الذي يرى العماد بدء الحياة الجديدة، ينبغي أن تتجدد يوميا. هذا التجديد دعاه “حفظ نعمة العماد”، وأوضحه بالقول إن اللوغوس قادر أن يعمل في نفس المعمد كما في الكرمة حتى تنضج عناقيدها وتبلغ كمال حلاوتها تدريجيا.
القمص تادرس يعقوب ملطي
يتطلع الأقباط إلى للمعمودية وجرنها كأنهما الهيكل المقدس. فإن جرن المعمودية هو باب السماء الذي يدخل بالمؤمنين إلى هذا الغرش. فالجرن هو رحم الكنيسة، خلاله تنجب أبناء الله السماوي، بفعل الروح القدس، في استحقاقات دم الابن، لهم حق الدخول إلى عرش الله، يتناولون الأسرار المقدسة، ويتحدون مع السماوي. إذ نقبل سر العماد نشارك الرب أعماله الخلاصية لهذا أوصى تلاميذه قبيل صعوده أن يعمدوا، قائلا: “اذهبوا… تلمذوا… عمدوا” (مت ۲۸: ۱۹). وبالفعل انطلقت الكنيسة منذ البداية في طاعة للرب تكرز بالمسيح وخلاصه وفي نفس الوقت تدعو العالم كله للعماد، أي تدعوهم لاختبار الحياة المصلوبة والمقامة في المسيح، وأن يتقبلوا روح المسيا. هذا الفهم اللاهوتي للمعمودية كان له صداه في إقامة المعموديات وفي تحديد مواقعها وأشكالها ومبانيها وأيقوناتها الخ.
في حكمة روحية بالغة حددت الدسقولية موقع المعمودية في الجانب الغربي الشمالي، أي عند المدخل على اليسار. وكأن الروح يريد أنه يعلن للداخلين إلى الكنيسة أنه لا يجوز أن يعبر أحد إلى صفوف المؤمنين وينعم بسر المذبح ما لم يجتز أو داخل المعمودية ليؤكد میلادا روحيا يؤهله للاتحاد بالذبيح الإلهي! فالنفس التي تريد العبور إلى قدس الأقداس لتحيا بالمسيح يسوع حياة إلهية يلزمها أولا أن تدخل مع الرب في مياه الأردن… هذا ما رآه هرماس في القرن الثاني، إذ شاهد الكنيسة برجا مقاما على المياه. يقول Bouyer: هكذا يكون استقطاب الكنيسة عند الشرق بالمذبح مكم باستقطاب آخر عند الغرب بالمعمودية، حيث يتم العبور من عالم الظلمة إلى عالم النور.
وللمعمودية بالطبيعة بابان، أو على الأقل ممران يجتازان بالجرن: واحد تجاه الغرب يدخل منه طالبو العماد تاركين وراء هم عالم الظلمة، والآخر في الشرق يعبرون منه إلى عالم الكنيسة المستنير والمجتمع للإفخارستيا”. هذه الصورة تنقلنا إلى ليالي عيد القيامة في العصور الأولى حيث كانت أفواج
طالبي العماد تدخل الباب الغربي للمعمودية على يسار الكنيسة لتعبر إلى صحن الكنيسة من باب داخلي شرقي، وقد قاموا مع المسيح، يحملون داخلهم روح الرب المقام، مدهونين بمسحة الروح،
لابسين الثياب البيض لمدة أسبوع كامل كخليقة جديدة شبيهة بالسمائيين. متوجين بأكاليل الغلبة ضد قوات الظلمة، حاملين في أيديهم مشاعل مضيئة إذ قبلوا الاستنارة الداخلية.
لقد وردت في قصائد سليمان Odes of Solomon قصيدة عذبة على لسان كل من المعمدين حديثا ينشدها أثناء دخوله صحن الكنيسة: إني خلعت الحماقة وتركتها عني. والرب جددني بثوبه! أنا ارتديت عدم الفساد باسمه. وخلعت الفساد بنعمته! طردت الظلمة، ولبست النور! التحفت بغطاء روحك القدوس، وأنت نزعت عني ثوب الجلد! الرب هو رأسي، تاجي فلا أتركه! هو إكليل الحق، قد شفر لأجلي؟”
نعود إلى موقع المعمودية، فان كل مؤمن أثناء دخوله إلى صحن الكنيسة يرى حتما المعمودية، فيذكر أين ولد، ومن هي أمه، ومن هو أبوه، أو بمعنى أدق يدخل إلى الكنيسة وقد التهب قلبه بحب أمه الروحية وأبيه السماوي. لهذا يقول ترتليان: جرن المعمودية هو عمل الثالوث من أجل خلاص البشرية! بالروح القدس صار الجرن أما للجميع… هذا ما يعنيه المزمور بقوله: “أبي وأمي قد تركاني” (مز ۱۰ : ۲۷ )، إذ فشل آدم وحواء في البقاء إلى الأبد. وأما الرب فضمني… لقد وهبني الجرن أما لي، وصار العلي أبي، والرب الذي اعتمد من أجلنا هو أخي.
ارتبط موقع حجرة المعمودية بفهم الكنيسة اللاهوتي لسر العماد بكونه “نذرا”، فيه التزم المؤمن بجحد الشيطان والدخول في عهد مع المسيح. ففي كل يوم إذ يدخل المؤمن الكنيسة ليشترك في صلاة باكر وعشية يتطلع إلى حجرة المعمودية فيذكر تعهده ويلتزم بوفائه كل يوم. هذا الفهم يظهر بقوة في كتابات آباء الإسكندرية، خاصة العلامة أوريجينوس الذي يرى العماد بدء الحياة الجديدة، ينبغي أن تتجدد يوميا. هذا التجديد دعاه “حفظ نعمة العماد”، وأوضحه بالقول إن اللوغوس قادر أن يعمل في نفس المعمد كما في الكرمة حتى تنضج عناقيدها وتبلغ كمال حلاوتها تدريجيا.