كيف يقول الله ” لا تقتل” (خر 20: 13) وهو لا يعاقب على قتل العبد أو الآمة إذا ضُرب ومات بعد يوم أو أثنين (خر 21: 20، 21)؟ وثم ما هي الحكمة أن السيد الذي ضرب عبده ومات على الفور يُنتقم منه، أما إن مات بعد يوم أو أثنين لا يُنتقم منه؟
ويعلق عاطف عبد الغني قائلاً ” والشريعة السابقة (لا تقتل) تكاد تكون متسقة من المبدأ التشريعي العين بالعين والسن بالسن، لكن النص لا يمضي إلى نهايته متمسكاً بتلك الشريعة، فهو ينحرف في الأعداد التالية حين ينص { وإذا ضرب إنسان عبده أو آمته بالعصا فمات تحت يده يُنتقم منه. ولكن إن بقى يوماً أو يومين لا يُنتقم منه لأنه ماله } (خر 21 : 20، 21).. كيف؟.. فقد أهدر دمه تماماً لأن النص نسخ العقوبة.. ونجد الشريعة تصر على هذا المبدأ الهمجي ” (1).
(1) أساطير التوراة ص 47 ، 48
حلمي القمص يعقوب
ج : 1- لا يمكن أن نحكم على أحداث القرن الخامس عشر قبل الميلاد بمعايير العصر الحديث، فإن الله تدرج بالبشرية خطوة بخطوة، من البربرية والهمجية إلى درجة أفضل وهي الإلتزام بالناموس. ثم هئ الناموس الإنسان للخطوة التالية وهي شريعة العهد الجديد، وخلال هذا التدرج أوصى الله بعقاب السيد الذي يضـرب عبده فيموت على الفور، لأن هذا يعكس مدى شراسة هذا السيد. أما إن ظل العبد يوماً أو يومين، فمعنى هذا أن شراسة هذا السيد أقل، فهو لم يقصد قتله، ولذلك يكفيه عقوبة أنه فقد عبده الذي كان يستفيد منه. ومثال آخر على التدرج أن الشريعة فرّقت بين العبد العبراني والعبد الغريب، فالعبد العبراني يُعامل كالأجير، ويُطلَق صراحه في السنة السابعة أو سنة اليوبيل أيهما أقرب. أما العبد الغريب فأنه يظل في العبودية طوال حياته. وهذا يعتبر خطوة أفضل مما كان سائداً من قبل بين الأمم ومدى قسوتهم في معاملة العبيد.
2- فعل ” تقتل ” في العبريـة ” رَاصَح ” Rasah وتعني القتل عن عمد أو غير عمد، لأنه في كلتا الحالتين يعد القتل إنتهاكاً لحرية الحياة التي وهبها الله للإنسان، وفي العبرية توجد عشرة ألفاظ تفيد القتل، مثلها مثل العربية التي حوت ألفاظاً كثيرة تفيد القتل مثل يسفك، ويسفح، ويغتال، ويُميت ويُهلِك.. إلخ وقـد إختـار سفـر الخروج كلمة ” رَاصَحَ ” لقوة تعبيرها عن القتل العمد وغير العمد (راجع شرح سفر الخروج – دير القديس أنبا مقار ص 283).
3- يقول الأرشيدياكون نجيب جرجس ” كانت الشعوب الوثنية تعتبر العبد مِلكاً لسيده يتصرف فيه كيف يشاء. ولكن الوحي الإلهي يأمر بمراعاة حقوق العبيد والرفق بهم. وهنا حالتان :
(أ) إذا ضرب سيد عبده فمات تحت يده فأنه (يُنتقم منه) لأنه إعتدى على حياة إنسان وقتله عمداً. ويوضح التلمود أن المقصود من الإنتقام هنا قتل السيد القاتل .
(ب) أما إذا عاش العبد يوماً أو أكثر ثم مات فإن سيده لا يُقتل لأنه لم يتعمد قتله، وقد كان تحديد المسئولية والعقاب في يد القضاة ” (1).
(1) تفسير الكتاب المقدَّس – سفر الخروج ص 241