لماذا طلب الله أن يكون المذبح من تراب أو حجارة غير منحوتة؟ وكيف يحرص على ستر العورة ” ولا تصعد بدرج إلى مذبحي كيلا تنكشف عورتك عليه” (خر 20: 26) ثم يعود قائلًا ” أكشفي نقابك شمري الذيل. أكشفي الساق” (أش 47: 2)؟
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
حلمي القمص يعقوب
1- طلب الله البساطة في العبادة لذلك أوصى بأن يصنع المذبح من التراب ، ومن الحجارة غير المنحوتة ، فإن الله يطلب الجوهر ” الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ” (يو 4 : 24) ولذلك طلب إقامة المذبح من تراب الأرض أو الحجارة الخشنة (الغشيمة) لأن ذلك لا يحتاج إلى مجهود ووقت0 ولكن لماذا منع الله نحت الأحجار وإستخدام الأزميل؟ لقد منع الله هذا قائلاً ” إذا رفعـت عليها أزميلك تدنسها ” (خر 20 : 25) لئلا يرجع الشعب بقلبه إلى منحوتات مصر ، ويفعل كما فعل المصريون من تماثيل وأصنام عبدوها وقدموا لها ذبائحهم وتقدماتهم.
2- الله لا يحب أن تنكشف عورة الإنسان ، فالعري أو الإحساس بالعري كان نتيجة من نتائج الخطية ، فالخطية هي التي تعري الإنسان وتفضحه ، وعندما سكر نوح تعرى ، ولهذا أوصى الله الكاهن أن لا يصعد على المذبح بدرج لئلا تنكشف عورته0 أما ما جاء من قول الرب في سفر أشعياء فهو عبارة عن نبؤة عن بابل التي قامت بسبي شعب الله لمدة سبعين عاماً ، وقد هدم ملكها نبوخذ نصر هيكل أورشليم ، فحق عليها العقاب الإلهي ، وهذا ما تنبأ به أشعياء النبي قائلاً ” أنزلي وأجلسي على التراب أيتها العذراء إبنة بابل أجلسي على الأرض. بلا كرسي ياإبنة الكلدانيين لأنك لا تعودين تُدعين ناعمة ومترفهة. خذي الرحى وأطحني دقيقاً. أكشفي نقابك شمري الذيل أكشفي الساق . أعبري الأنهار. تنكشف عورتك وتُرى معاريك ” (أش 47 : 1 – 3) فالوحي هنا يصف كيف سيكون حال بنات بابل المرفهات عندما يخدمن كإماء يطحن بالرحى وهنَّ جالسات على الأرض ، ويكشفن عن سيقانهن ليس كنوع من الإغراء ولكن لكيما يدرن الرحى وهنَّ جالسات على الأرض يعانين من المذلة والهوان ، وقوله ” تنكشف عورتك ” قول مجازي المقصود به تنكشف عيوبك وأخطاءك أمام الجميع.
3- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مارمينا العامر ” المذكور في (خر 20 : 26) يخص الإحتشام ومظهر الوقار في بيت الرب ، أي لا صلة له بما ورد في سفر أشعياء . أما ما ورد في سفر أشعياء { يصلع السيد هامة بنات صهيون ويعري الرب عورتهنَّ } (أش 3 : 17) فهو تعبير عما سيلحق بنات صهيون والشعب الإسرائيلي من هوان وتحقير بسبب خلاعتهن وتكبرهن والإهتمام بالزينة الخارجية والتشامخ (أش 3 : 16 – 22) وقد حدث ذلك بالسبي (2 أخ 36 : 5 – 21) وما ورد في (أش 47 : 2 ، 3) هو تعبير عما سيحل على ” إبنة الكلدانيين ” من عار وإنحطاط ، بسبب أنك ” تدعين سيدة الممالك “ (أش 47 : 5) أي الكبرباء ” [ من إجابات أسئلة سفر الخروج ].
4- يقول القمص تادرس يعقوب ” يقدم لنا النبي بعض ملامح الخلاعة التي أتسمت بها بنات صهيون :
أ – التشامخ : ” وقال الرب من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق.. ” (أش 3 : 16) لقد سيطر الكبرياء عليهن فصرن متشامخات.. { قبل الكسر الكبرياء0 وقبل السقوط تشامخ الروح.. } (أم 16 : 18 ، 19)0
ب- الغمز بالعيون (أش 3 : 6) : إنشغلن باصطياد قلوب الرجال وأسرها كثمرة طبيعية لفراغ القلب الداخلي ، فنصبن بعيونهن شباكاً للموت ، إذ يقول الحكيم { فوجدت أمرَّ من الموت المرأة التي هي شباك وقلبها أشراك ويداها قيود0 الصالح قدام الله ينجو منها } (جا 7 : 26) وجاءت كلمة ” غامزات ” في الأصل بمعنى يجملن عيونهن بمسحوق أسود ، إذ كان الشرقيون مغرمين بالعيون الواسعة المُحاطة بدائرة سوداء.
جـ- الخلاعة في المشي : { خاطرات في مشيهن. يخشخشن بأرجلهن} (أش 3 : 16) دلالة على فساد القلب الداخلي . يمشين في عجب وخيلاء ويضعن ” خلاخيل ” في أرجلهن أو أجراساً في أحذيتهن للفت النظر إليهن.
ماذا يفعل الرب بهؤلاء البنات المتعجرفات السالكات في لهو وترف؟
أ – { يُصلّع الرب هامة بنات صهيون ويعري الرب عورتهن } (أش 3 : 17) الصلع أو القرعة بالنسبة للفتاة علامة القبح الشديد ، فقد وهب الله المرأة الشعر تاج مجد لها.. هذه هي حالة النفس البشرية الساقطة بالكبرياء ، إذ تفقد عطايا الله لها ، وينفضح فساد طبيعتها فتصير بلا جمال ولا قوة ولا كرامة..
ب- إنتزاع كل مظاهر الغنى والزينة.. هكذا ينزع عنها الزينة الخارجية والملابس الداخلية لتصير في عرى وقبح.. لعلها ترجع إلى الله.. هنا يشير إلى ما يحل ببنات صهيون خلال السبي ” (1).
5- تقول الإكليريكية مها ميشيل غالي – إكليريكية طنطا ” ظن البعض أن هناك تناقض بين ما جاء في (خر 20 : 26) ، (أش 47 : 2) ، ووجد البعض فيما تصوروه أنه تناقض أرضية خصبة لنقد الكتاب المقدَّس ، والحقيقة أن الرب يطلب ستر العورات كما هو واضح في (خر 20 : 26) والسروال الذي يستر عورة الكاهن يشير إلى ضرورة إحتشام الكاهن في كل تصرفاته وكلماته. أما عن تعرية الرب العورات فقد جاء تارة على بنات صهيون (أش 3 : 17) وتارة على إبنة الكلدانيين (أش 47 : 2) فذلك بسبب كبريائهن وفساد حياتهن الداخلية ” [ من أبحاث النقد الكتابي ].
(1) تفسير سفر أشعياء ص 76 ، 77