ماذا يعني قول السيد المسيح عن الروح القدس: “ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بتر وعلى دينونة” (يوحنا 16: ۸)؟
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
القمص تادرس يعقوب ملطي
يبكت على خطية”: بينما كان بطرس يكلم كرنيليوس ومن معه نخس الروح القدس قلوبهم و “حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة… حينئذ أجاب بطرس أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن. وأمر أن يتعمدوا باسم الرب” (أعمال الرسل 10:47 – 44 ). إن كان الروح ينخس القلوب قبل العماد، أفلا ينخس قلوبهم بعدما يسكن فيها بسر الميرون؟! إن عمله هو التبكيت على الخطية ليتوب الإنسان ويعترف، وفي سر التوبة والاعتراف يغفر للإنسان عن خطاياه بالروح القدس الذي يغفر باستحقاقات دم المسيح أيضا: “أقبلوا الروح القدس من غفرتم خطاياه غفر له…” (یو ۲۰: ۲۲-۲۳) فالروح القدس بالنسبة لمن لم يؤمنوا أو للمؤمنين لا يتستر على خطاياهم، بل بالعكس إذ هو نور يكشف ويفضح الخطية أمام عيني الإنسان الداخلية، ويكشف آثامنا ومرارتها قدام قلوبنا، وفي نفس الوقت يكشف عمل الصليب وقوة حب الله الجذابة.
يرى القديس أغسطينوس أن الخطية العظمى هي عدم الإيمان بالمسيح مخلصا للعالم، فمن لا يؤمن لا يقدر أن يتمتع بغفران خطاياه. لهذا فإن التبكيت على خطية يحمل معنى حث الإنسان على التخلي عن عدم إيمانه بالمسيح، بهذا ينفتح أمامه باب المغفرة. ويقول القديس يوحنا الذهبي الفم: (هذا يعني انه سيقطع كل أعذارهم، ويظهر أنهم عصوا عصيانا فاحشا.
يبكت العالم على خطية: يربط السيد المسيح بين سقوطهم في الخطية ودعوتهم بالعالم”، بقوله أما على خطية فلأنهم لا يؤمنون بي (يوحنا 16: 9). يوضح السيد المسيح دور الروح القدس في التبكيت على الخطية قائلا: “لأنهم لا يؤمنون”. إن كانت الخطية تملك على القلب، فليس من طريق للخلاص منها إلا بقدوم ملك آخر قادر على إبادتها، وهو الإيمان بالمسيح الذي يملك على القلب. ملكت الخطية فصارت مصدر فساد ورجاسة، لذا صارت الضرورة ملحة للإيمان بالمخلص الذي ينزع الفساد والرجاسة، ويحتل عدم الفساد والقداسة الموضع. بالخطية كسر الإنسان الناموس وحلت اللعنة، وبالإيمان بالمسيح مكمل الناموس وحامل اللعنة عنا نتحرر من الحرف القاتل واللعنة لنعم بالروح المحيي والحياة المطوبة.
يقول القديس كيرلس الكبير: انظروا كيف يبدأ أولا بانتهار الخطية والتوبيخ… لكل إنسان يكون عنيدا ومقاوما للباركليت.] إرسالية الروح القدس إلى الكنيسة تحقق اهتمام السيد المسيح بالبشرية، فإنه متى جاء يهبها حياة التوبة والرجوع إليه خلال قبولهم عمل الصليب في القلب بروح التواضع. الروح القدس وحده يقدر أن يدخل القلب ويجعل الخطية مرة ويفضحها أمامه، فيتمتع المؤمن بعذوبة الشركة مع الله. إنه قادر أن يقنع القلب والفكر وكل أعماق الإنسان أن سعادته وسلامه وفرحه وخلوده وعدم فساده يكمن في الالتصاق بالمخلص لا بالخطية، وأن لذة العشرة مع الله لا تقارن بأية لذة للخطية. ينخس الروح القدس القلوب قبل العماد، وأيضا بعدما يسكن فيها بسري العماد والميرون! عمله هو التبكيت على الخطية ليتوب الإنسان ويعترف كما يلهب القلب بالحب والتمتع بالشركة مع الله. وفي سر التوبة والاعتراف يغفر الروح القدس للإنسان عن خطاياه باستحقاقات دم المسيح: “اقبلوا الروح القدس من غفرت لهم خطاياهم غفرت…” فالروح القدس بالنسبة لمن لم يؤمنوا بعد أو للمؤمنين لا يتستر على خطاياهم، بل بالعكس إذ هو نور يكشف ويفضح الخطية أمام عيني الإنسان الداخلية، ويكشف آثامه ومرارتها قدام قلبه، وفي نفس الوقت يكشف عن عمل الصليب وقوة حب الله الجذابة.
من هنا يتقدم الروح القدس باعترافاتنا، ويرفقها بالدم المسفوك مع دموع التوبة وصلوات الإيمان. وللحال يحكم بالبراءة للإنسان عن خطاياه السابقة، سواء في سر المعمودية أو سر التوبة والاعتراف؟