أ. أوسيمسح الله كل دمعة من عيونهم”: وكما يقول العلامة ترتليان إن الله يمسح كل دمعة سكبتها العيون قبلا، إذ ما كان لها أن تجف ما لم تمسحها الرأفات الإلهية. طوبى لأصحاب العيون الباكية، لأن الله بنفسه يمسحها ويطيبها!
ب. “والموت لا يكون فيما بعد”: وكما يقول النبي: “يبلغ الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه” (إش ۲۵: ۸).
ج. ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد، لأن الأمور الأولى قد مضت” (رؤ ۲۱: 4). لقد مضى العالم القديم بما يحمله من نقص وقابلية للفناء، وصار كل ما في الأبدية جديدا مفرا ومبهجا للكل.
د. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدا”. في العالم الآخر لا نجد ما تسأمه النفس، ولا ما تمل منه، إذ ليس فيها شيء يعتق ويشيخ بل لحظة فلحظة – إن صح هذا التعبير – نجد كل شيء جديدا. إذ نحن ماثلون أمام الله الذي لا تشبع النفس من اشتهائه.
وكما يقول القديس غريغوريوس النيسي: لأن رؤية الله بالضبط لا تشبع النفس من اشتهائه. وهذا يتم إلى الأبد والنفس ذاهبة من بدء إلى بدء ببداءات لا تنتهي “. كلما تأمل الإنسان في الله، يراه كأنه لأول مرة ينظره فهو جديد في نظره، يزداد شوقا إلى السجود له والنظر إليه، ويستمر هكذا بلا نهاية.
ولما كان هذا الأمر مجيدا حتى يستصعب الكثيرون نواله، أراد الرب أن يبعث فيهم الرجاء، فقيل للرسول: “وقال لي: اكتب، فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة، ثم قال لي: قد تم” (رؤ ۲۱: 5-6). إنها أمور حقيقية واقعية قد أتم الله تهيئتها للبشر، ولم يبق سوى أن ندخل ونرث. وكأنه يقول لعروسه: “الله بالحق قد أعد بيت الزوجية، وبقي أن تأتي يا صاحبة البيت”.
أما مقدم الدعوة فيقول: “أنا هو الألف والياء ، البداية والنهاية”. وقد سبق لنا شرح هذا القول. إنه يقول : إنني بلغة السماء أعلمكم التسبحة الجديدة، وأنا رأس الكل أتيت أخيرا لكي أحتضن الجميع وأجمعهم.
إنني لا أبخل على أحد، بل أقدم ذاتي ينبوع ماء حياة مجاني لكل طالب، “أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا” (رؤ ۲۱: 6). يقدم نفسه لكل ظمآن يشعر بالحاجة إليه، القائل مع المرنم:
كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي، متى أجيء وأتراءى قدام الله، صارت لي دموعي خبرا نهارا وليلا، إذ قيل لي كل يوم: أين إلهك؟” (مز ۲: ۱-۳).
لهذا ينادي الرب قائلا: “إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب” (يو 7: ۳۷). وحتى لا يسيء أحد إلى فهم مجانية الماء الحي، عاد ليؤكد لنا أن الميراث الأبدي لا يناله إلا المجاهدون المثابرون، لهذا يقول: “من يظب يرث كل شيء وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا” (رؤ ۲۱: ۷). إنه يعطي للغالبين… فماذا يأخذون؟ “يرث كل شيء!” إنه كأب رأي الأيام التي كان فيها ابنه قاصرا قد انتهت، وقد صار الآن ناضجا، فيقدم له كل أمواله وممتلكاته ويسلمه كل شئونه وأسراره، وإن استطاع أن يقدم له كل قلبه. إنه يورثه كل شيء وهو بعد حي! هذا ما يعنيه بقوله: “يرث كل شيء”. لهذا يكمل قائلا: “وأكون له إلها، وهو يكون لي ابنا”.
حقا بالمعمودية صرنا أبناء، ولكننا ندرك كمال بنوتنا حين نتسلم الميراث الأبدي!
أما غير المجاهدين وغير المؤمنين فليس لهم نصيب معه، إذ يقول: “وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني” (رؤ ۲۱: ۸).
لقد بدأ هذه القائمة المرة بالخائفين، أي الجبناء الذين ينكرون الإيمان خوفا على حياتهم الزمنية، وهؤلاء أشر الفئات. ويليهم “غير المؤمنين” لأنه بدون إيمان لا يمكن إرضاءه. ويليهم صانعو الشر أي “الرجسون والقاتلون…” أي المؤمنون اسما لكن أعمالهم لا تتناسب مع الإيمان. وأخيرا يركز على الكذب، فيقول: “وجميع الكذبة”، ويقصد بالكذب الذين يستخدمون الغش والخداع في معاملاتهم وأحاديثهم.
القمص تادرس يعقوب ملطي
أ. أوسيمسح الله كل دمعة من عيونهم”: وكما يقول العلامة ترتليان إن الله يمسح كل دمعة سكبتها العيون قبلا، إذ ما كان لها أن تجف ما لم تمسحها الرأفات الإلهية. طوبى لأصحاب العيون الباكية، لأن الله بنفسه يمسحها ويطيبها!
ب. “والموت لا يكون فيما بعد”: وكما يقول النبي: “يبلغ الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه” (إش ۲۵: ۸).
ج. ولا يكون حزن ولا صراخ ولا وجع فيما بعد، لأن الأمور الأولى قد مضت” (رؤ ۲۱: 4). لقد مضى العالم القديم بما يحمله من نقص وقابلية للفناء، وصار كل ما في الأبدية جديدا مفرا ومبهجا للكل.
د. وقال الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدا”. في العالم الآخر لا نجد ما تسأمه النفس، ولا ما تمل منه، إذ ليس فيها شيء يعتق ويشيخ بل لحظة فلحظة – إن صح هذا التعبير – نجد كل شيء جديدا. إذ نحن ماثلون أمام الله الذي لا تشبع النفس من اشتهائه.
وكما يقول القديس غريغوريوس النيسي: لأن رؤية الله بالضبط لا تشبع النفس من اشتهائه. وهذا يتم إلى الأبد والنفس ذاهبة من بدء إلى بدء ببداءات لا تنتهي “. كلما تأمل الإنسان في الله، يراه كأنه لأول مرة ينظره فهو جديد في نظره، يزداد شوقا إلى السجود له والنظر إليه، ويستمر هكذا بلا نهاية.
ولما كان هذا الأمر مجيدا حتى يستصعب الكثيرون نواله، أراد الرب أن يبعث فيهم الرجاء، فقيل للرسول: “وقال لي: اكتب، فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة، ثم قال لي: قد تم” (رؤ ۲۱: 5-6). إنها أمور حقيقية واقعية قد أتم الله تهيئتها للبشر، ولم يبق سوى أن ندخل ونرث. وكأنه يقول لعروسه: “الله بالحق قد أعد بيت الزوجية، وبقي أن تأتي يا صاحبة البيت”.
أما مقدم الدعوة فيقول: “أنا هو الألف والياء ، البداية والنهاية”. وقد سبق لنا شرح هذا القول. إنه يقول : إنني بلغة السماء أعلمكم التسبحة الجديدة، وأنا رأس الكل أتيت أخيرا لكي أحتضن الجميع وأجمعهم.
إنني لا أبخل على أحد، بل أقدم ذاتي ينبوع ماء حياة مجاني لكل طالب، “أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانا” (رؤ ۲۱: 6). يقدم نفسه لكل ظمآن يشعر بالحاجة إليه، القائل مع المرنم:
كما يشتاق الإيل إلى جداول المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله إلى الإله الحي، متى أجيء وأتراءى قدام الله، صارت لي دموعي خبرا نهارا وليلا، إذ قيل لي كل يوم: أين إلهك؟” (مز ۲: ۱-۳).
لهذا ينادي الرب قائلا: “إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب” (يو 7: ۳۷). وحتى لا يسيء أحد إلى فهم مجانية الماء الحي، عاد ليؤكد لنا أن الميراث الأبدي لا يناله إلا المجاهدون المثابرون، لهذا يقول: “من يظب يرث كل شيء وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا” (رؤ ۲۱: ۷). إنه يعطي للغالبين… فماذا يأخذون؟ “يرث كل شيء!” إنه كأب رأي الأيام التي كان فيها ابنه قاصرا قد انتهت، وقد صار الآن ناضجا، فيقدم له كل أمواله وممتلكاته ويسلمه كل شئونه وأسراره، وإن استطاع أن يقدم له كل قلبه. إنه يورثه كل شيء وهو بعد حي! هذا ما يعنيه بقوله: “يرث كل شيء”. لهذا يكمل قائلا: “وأكون له إلها، وهو يكون لي ابنا”.
حقا بالمعمودية صرنا أبناء، ولكننا ندرك كمال بنوتنا حين نتسلم الميراث الأبدي!
أما غير المجاهدين وغير المؤمنين فليس لهم نصيب معه، إذ يقول: “وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني” (رؤ ۲۱: ۸).
لقد بدأ هذه القائمة المرة بالخائفين، أي الجبناء الذين ينكرون الإيمان خوفا على حياتهم الزمنية، وهؤلاء أشر الفئات. ويليهم “غير المؤمنين” لأنه بدون إيمان لا يمكن إرضاءه. ويليهم صانعو الشر أي “الرجسون والقاتلون…” أي المؤمنون اسما لكن أعمالهم لا تتناسب مع الإيمان. وأخيرا يركز على الكذب، فيقول: “وجميع الكذبة”، ويقصد بالكذب الذين يستخدمون الغش والخداع في معاملاتهم وأحاديثهم.