يمكن التمييز بين الأعياد السيدية حسب دورها في الخلاص الذي قدمه السيد المسيح. أما الأعياد السيدية الكبرى فهي:
أ. عيد البشارة (۲۹ برمهات). كرر الإنجيلي كلمة “عذراء ” وكأنه أراد تأكيد عذرويتها ليعلن أن السيد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي (حز 44 : ۲-۳). سمعت القديسة مريم الملاك يقول لها: “الرب معك”، وكان لهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معية الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها! يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: إن كان ابن الله قد صار ابنا لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنا لله. إن كان الله قد نزل أعماقا كهذه، فإنه لم يفعل هذا باطلا، إنما ليرفعنا للأعالي! ولد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنا الله.
ب. عيد الميلاد (۲۹ كيهك). كان مولود المذود مجهولا من البشر لكنه يتحرك لخدمة البشرية:
أرسل ملاكا على هيئة كوكب إلى جماعة من المجوس، يقول القديس مار يعقوب السروجي: لصاروا كارزين له وهم سائرون في الطريق، يبشرون بأن ملكا للعالم كله قد أشرق. انبسطت كرازتهم الأميال في الطريق، وكسروا قلوب الملوك الذين جازوا في تخومهم، حثهم الحق ليكونوا له کارزین.
۲. فتح أبواب السماء وأرسل فرقة تسبيح تبشر رعاة غير معروفين.
٣. ذهب إلى مصر يلتقي بمصريين معروفين ليقيم منهم شعبه المبارك.
بعث موكب أطفال بيت لحم غير المعروفين، ليبشروا الذين في الجحيم بقرب مجيئه إليهم، ليحررهم من ظلمته وقيوده.
ج. عيد الغطاس (۱۱ طوبة). مع دخول السيد المسيح نهر الأردن يشعر كل مؤمن أنه يدخل إلى ذات الأردن حين يغطس في جرن المعمودية ثلاث مرات بسم الثالوث القدوس: الآب والابن والروح القدس. يتمتع بالتبني فيصير حقا طفلا جديدا مولودا بالروح وناميا ليتمتع بكمال حقوقه كابن الله إلى النضوج ويصير له حق الشركة في المجد مع الابن الوحيد الجنس يسوع المسيح.
يرى المؤمن أبواب السماء مفتوحة، ويسمع صوت أبيه السماوي الذي يعلن إنه قد صار ابنا محبوبا موضوع سروره، لأنه صار عضوا في جسد المسيح. يلتهب قلب المؤمن مشتاقا أن يلقي بالعالم كله تحت قدميه، منشغلا بحضن الآب.
د. أحد الشعانين. تطلع السيد المسيح إلى موكب أحد الشعانين أنه موكب المجد خلال الصليب، فقد أتت. الساعة ليتمجد ابن الإنسان (یو ۱۲: ۲۳)، بتقديم نفسه حمل الفصح عن العالم كله، ليعبر بالمؤمنين من عبودية إبليس إلى السماء. وتطلع إليه رجال العهد القديم وهم في الجحيم، ليروا تحقيق الرموز والنبوات، وقد حان الوقت ليأتي من يخرج بهم إلى الفردوس، حاملا إياهم غنائم سماوية. وتطلع التلاميذ إلى الموكب، ولم يفهموا شيئا! دخلوا في حالة ارتباك شديد! وتطلع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى الموكب أنه دمار تام لمراكزهم ومصالحهم الشخصية. وتطلعت الجموع إلى الموكب أنه دخول إلى عصر جديد، حيث جاء من يخلصهم من الاستعمار، ويهبهم مجا زمنيا! وتطلع السمائيون إلى الموكب وهم يدهشون أمام تواضع كلمة الله المتجسد، وهو ملك السماء والأرض، يجلس على جحش، ويزفه بشر ضعفاء؛ ماذا وراء تواضعه هذا وحبه للبشر؟!
ه. أحد القيامة. حولت قيامة السيد المسيح صلبه وموته من تاريخ مؤلم إلى عيد غير تاريخ البشرية ومفاهيمها وتطلعاتها. ينتهي طقس الجمعة العظيمة الذي يسوده نغمة الحزن الباعث تعزيات إلهية ليبدأ طقس السبت الفرح”، وهو امتداد طبيعي للجمعة العظيمة. فإننا إذ نذكر موت السيد المسيح ودفنه نراه ينزل إلى الجحيم ليلتقي مع كل الذين ماتوا على الرجاء. كم كانت فرحة آدم وحواء، وإبراهيم صاحب العهد وسارة، ويعقوب وبنيه، وداود النبي وغيره من الأنبياء. فقد انكشفت أمامهم بالأكثر نبواتهم، ورأوا ذاك الذي يدعى “مشتهى الأمم”. يرونه قادما ليحطم بصليبه متاريس الهاوية، ويحملهم كغنائم مقدسة على كتفيه ويدخل بهم في الأبواب الدهرية المرتفعة!
حطم السيد المسيح بقيامته سلطان الموت، وكررنا من عبودية الخوف منه. يقول القديس أثناسيوس الرسولي: لقد تحرر العالم بدم المخلص، وبالموت داس الموت، ممهدا طريق الأمجاد السماوية بغير عقبات أو حواجز لهؤلاء الذين ينمون.
و. عيد الصعود. أمام مشهد الصعود الذي لا يفارق عيني المؤمن الحقيقي، يليق بنا أن ندعو نفوسنا كي تسرع وتحمل قيثارة الروح، فتتحول حياة المؤمن كلها، تحت كل الظروف، إلى ممارسة العزف الموسيقي الروحي بلا انقطاع. يعيش المؤمنون هنا كفتاة مخطوبة تتغني بعظمة عريسها، فتشترك النفس مع الجسد وكل الطاقات لتمارس الفرح السماوي على انتظار يوم غرسها الأبدي.
انطلق آدم الثاني “الرب من السماء” (1 كو 15: 47)، ليقم الجوهرة المفقودة للأب. الآن لا نعود نسمع مع آدم الأول: “لأنك تراب وإلى تراب تعود” (تك 3: ۱۹). إنما إذ نستتر في آدم الثاني نسمع كما يقول العلامة أوريجينوس: “أنت سماء وإلى سماء تعود”.
ز. أحد العنصرة. كثيرا ما يقارن بعض الآباء والمفسرين بين بلبلة الألسن (تك 11: 1-9) التي حدثت بعد الطوفان في أيام نوح، وبين تمتع التلاميذ والرسل بعطية الألسن المتنوعة. اجتمع البابليون وخططوا لبناء برج، وكان غايتهم التحي ضد الله نفسه. وأما التلاميذ ومن معهم في علية صهيون، فكانوا في ضعف يترقبون تحقيق الوعد الإلهي، لكي ينالوا قوة من الأعالي. فيكرزون ببشارة الخلاص، ويرتون البشرية من كل الأمم والشعوب والألسنة إلى الله في حب وتواضع وتسليم لمشيئة الله المقدسة. يقول القديس مار يعقوب السروجي: لورع الله اللغات بين البشر، وهذه اللغات نفسها هي التي وهبها للرسل تلاميذه. بدون تعليم ولا ممارسة، بالروح نطق التلاميذ بكل اللغات. أرسل هذا الغني إلى التلاميذ ليتكلموا بألسنة جديدة دون أن يتعلموها.
القمص تادرس يعقوب ملطي
يمكن التمييز بين الأعياد السيدية حسب دورها في الخلاص الذي قدمه السيد المسيح. أما الأعياد السيدية الكبرى فهي:
أ. عيد البشارة (۲۹ برمهات). كرر الإنجيلي كلمة “عذراء ” وكأنه أراد تأكيد عذرويتها ليعلن أن السيد المسيح ليس من زرع بشر. هذا ما أعلنه حزقيال النبي (حز 44 : ۲-۳). سمعت القديسة مريم الملاك يقول لها: “الرب معك”، وكان لهذا التعبير مفهومه الخاص بالنسبة لها، فقد ذاقت معية الله على مستوى فريد، إذ حملت كلمة الله في أحشائها، وقدمت له من جسدها ودمها! يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: إن كان ابن الله قد صار ابنا لداود، فلا تشك يا ابن آدم أنك تصير ابنا لله. إن كان الله قد نزل أعماقا كهذه، فإنه لم يفعل هذا باطلا، إنما ليرفعنا للأعالي! ولد بالجسد، لكي تولد أنت ثانية حسب الروح. وُلد من امرأة، لكي تصير أنت ابنا الله.
ب. عيد الميلاد (۲۹ كيهك). كان مولود المذود مجهولا من البشر لكنه يتحرك لخدمة البشرية:
۲. فتح أبواب السماء وأرسل فرقة تسبيح تبشر رعاة غير معروفين.
٣. ذهب إلى مصر يلتقي بمصريين معروفين ليقيم منهم شعبه المبارك.
ج. عيد الغطاس (۱۱ طوبة). مع دخول السيد المسيح نهر الأردن يشعر كل مؤمن أنه يدخل إلى ذات الأردن حين يغطس في جرن المعمودية ثلاث مرات بسم الثالوث القدوس: الآب والابن والروح القدس. يتمتع بالتبني فيصير حقا طفلا جديدا مولودا بالروح وناميا ليتمتع بكمال حقوقه كابن الله إلى النضوج ويصير له حق الشركة في المجد مع الابن الوحيد الجنس يسوع المسيح.
يرى المؤمن أبواب السماء مفتوحة، ويسمع صوت أبيه السماوي الذي يعلن إنه قد صار ابنا محبوبا موضوع سروره، لأنه صار عضوا في جسد المسيح. يلتهب قلب المؤمن مشتاقا أن يلقي بالعالم كله تحت قدميه، منشغلا بحضن الآب.
د. أحد الشعانين. تطلع السيد المسيح إلى موكب أحد الشعانين أنه موكب المجد خلال الصليب، فقد أتت. الساعة ليتمجد ابن الإنسان (یو ۱۲: ۲۳)، بتقديم نفسه حمل الفصح عن العالم كله، ليعبر بالمؤمنين من عبودية إبليس إلى السماء. وتطلع إليه رجال العهد القديم وهم في الجحيم، ليروا تحقيق الرموز والنبوات، وقد حان الوقت ليأتي من يخرج بهم إلى الفردوس، حاملا إياهم غنائم سماوية. وتطلع التلاميذ إلى الموكب، ولم يفهموا شيئا! دخلوا في حالة ارتباك شديد! وتطلع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى الموكب أنه دمار تام لمراكزهم ومصالحهم الشخصية. وتطلعت الجموع إلى الموكب أنه دخول إلى عصر جديد، حيث جاء من يخلصهم من الاستعمار، ويهبهم مجا زمنيا! وتطلع السمائيون إلى الموكب وهم يدهشون أمام تواضع كلمة الله المتجسد، وهو ملك السماء والأرض، يجلس على جحش، ويزفه بشر ضعفاء؛ ماذا وراء تواضعه هذا وحبه للبشر؟!
ه. أحد القيامة. حولت قيامة السيد المسيح صلبه وموته من تاريخ مؤلم إلى عيد غير تاريخ البشرية ومفاهيمها وتطلعاتها. ينتهي طقس الجمعة العظيمة الذي يسوده نغمة الحزن الباعث تعزيات إلهية ليبدأ طقس السبت الفرح”، وهو امتداد طبيعي للجمعة العظيمة. فإننا إذ نذكر موت السيد المسيح ودفنه نراه ينزل إلى الجحيم ليلتقي مع كل الذين ماتوا على الرجاء. كم كانت فرحة آدم وحواء، وإبراهيم صاحب العهد وسارة، ويعقوب وبنيه، وداود النبي وغيره من الأنبياء. فقد انكشفت أمامهم بالأكثر نبواتهم، ورأوا ذاك الذي يدعى “مشتهى الأمم”. يرونه قادما ليحطم بصليبه متاريس الهاوية، ويحملهم كغنائم مقدسة على كتفيه ويدخل بهم في الأبواب الدهرية المرتفعة!
حطم السيد المسيح بقيامته سلطان الموت، وكررنا من عبودية الخوف منه. يقول القديس أثناسيوس الرسولي: لقد تحرر العالم بدم المخلص، وبالموت داس الموت، ممهدا طريق الأمجاد السماوية بغير عقبات أو حواجز لهؤلاء الذين ينمون.
و. عيد الصعود. أمام مشهد الصعود الذي لا يفارق عيني المؤمن الحقيقي، يليق بنا أن ندعو نفوسنا كي تسرع وتحمل قيثارة الروح، فتتحول حياة المؤمن كلها، تحت كل الظروف، إلى ممارسة العزف الموسيقي الروحي بلا انقطاع. يعيش المؤمنون هنا كفتاة مخطوبة تتغني بعظمة عريسها، فتشترك النفس مع الجسد وكل الطاقات لتمارس الفرح السماوي على انتظار يوم غرسها الأبدي.
انطلق آدم الثاني “الرب من السماء” (1 كو 15: 47)، ليقم الجوهرة المفقودة للأب. الآن لا نعود نسمع مع آدم الأول: “لأنك تراب وإلى تراب تعود” (تك 3: ۱۹). إنما إذ نستتر في آدم الثاني نسمع كما يقول العلامة أوريجينوس: “أنت سماء وإلى سماء تعود”.
ز. أحد العنصرة. كثيرا ما يقارن بعض الآباء والمفسرين بين بلبلة الألسن (تك 11: 1-9) التي حدثت بعد الطوفان في أيام نوح، وبين تمتع التلاميذ والرسل بعطية الألسن المتنوعة. اجتمع البابليون وخططوا لبناء برج، وكان غايتهم التحي ضد الله نفسه. وأما التلاميذ ومن معهم في علية صهيون، فكانوا في ضعف يترقبون تحقيق الوعد الإلهي، لكي ينالوا قوة من الأعالي. فيكرزون ببشارة الخلاص، ويرتون البشرية من كل الأمم والشعوب والألسنة إلى الله في حب وتواضع وتسليم لمشيئة الله المقدسة. يقول القديس مار يعقوب السروجي: لورع الله اللغات بين البشر، وهذه اللغات نفسها هي التي وهبها للرسل تلاميذه. بدون تعليم ولا ممارسة، بالروح نطق التلاميذ بكل اللغات. أرسل هذا الغني إلى التلاميذ ليتكلموا بألسنة جديدة دون أن يتعلموها.