نشرت قصة السائح الروسي الذي اشتاق إلى التمتع بصلاة يسوع لأول مرة في روسيا في عام 1865 وترجمت لعدة لغات، منها اللغة العربية، وقامت كنيسة مار جرجس باسبورتنج بالإسكندرية بنشره، كما وردت هذه القصة باختصار في كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية في الطبعة الأولى عام 1952.
كما صدرت عدة كتب عنها بالعربية في لبنان ومصر. هذا الكتاب ليس مجرد قصة ولكنه اختبار روحي شيق لازم للإنسان المسيحي، مارسه كثير من الآباء في الكنيسة الأولى بصورة أو أخرى.
قيل عن هذا السائح الروسي أنه هل عندما دخل إلى الكنيسة وسمع في الرسالة إلى أهل تسالونيكي صلوا بلا انقطاع” (5: ۱۷) وصار يفر: هل يمكن للإنسان أن يعمل عملا واحدة طيلة حياته؟
روى السائح الروسي أنه عاش لا منزل له، بل كان يجول من مكان إلى آخر، لا يحمل إلا سلة على ظهره بها خبز يابس ومعه الكتاب المقدس. إذ ذهب إلى الكنيسة سمع من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي الآية: “صلوا بلا انقطاع” (5: ۱۷؛ راجع أف 6: ۱۸؛ ۱ تي ۲: 8). فتح الكتاب المقدس، وقرأ (۱ تس 5: ۱۷)، فصار يفكر كيف ينقذ هذه الوصية وهو مشغول بأمور كثيرة، كيف يصلي في كل الأوقات وفي كل مكان.
قرر أن يمضي من كنيسة إلى كنيسة يسأل أشهر الوعاظ والمرشدين الذين ذاع صيتهم يطلب منهم الإجابة العملية على سؤاله. تحدثوا معه عن أهمية الصلاة وثمارها، لكن لم يجد من يحدثه عن كيفية ممارستها كل حين.
سمع عن أحد النبلاء في إحدى القرى الروسية يقضي كل وقته في الصلاة وقراءة الأسفار المقدسة. ذهب إليه وسأله عن كيفية ممارسة هذه الوصية. صمت الشخص قليلا، ثم قال له: “الصلاة الداخلية الدائمة هي رفع دائم للنفس البشرية أمام الله. وطلب منه أن يصلي كثيرا ليختبر العذوبة التي يعلمنا الله بها كيف نصلي بلا انقطاع. قال له: “صل كثيرا، وصل بحرارة، فالصلاة نفسها هي التي ستعلن لك كيف تصلي بلا انقطاع… لكن الأمر يحتاج إلى وقت طويل “. ثم قدم له زاد ونقودا لأجل سیاحته.
اعترى السائح شعور باليأس، إذ لم يفسر له ما يريده. ثم عاد إلى القراءة والتأمل مفكرا في كل ما قاله ذلك الأب، ولكن لم يصل إلى الحقيقة. ولم يعلم لماذا بدأ لا ينام بالليل.
مشى ما يقرب من 125 ميلا حتى وصل إلى دير، به أب محب طيب القلب، فالتقى به. رب به الأب، سأله: “أيها الأب القديس… أريد أن أعرف كيف يحقق الإنسان خلاصه؟ أجابه: “سر حسب أوامر الله، وأتلي صلواتك فتخلص.” قال السائح: الكنني سمعت أنه ينبغي أن أصلي بلا انقطاع، وهذا هو ما لست أعرفه، ولم أستطع ممارسته. أرجوك أن تفسر لي هذا الأمر”. أجابه بأن عنده كتائبا للقديس ديمتري أسقف روستوف (۱۹۵۱-.۰۹ ) عن التعليم الروحي للإنسان الداخلي.
فقرأ فيه أن كلمات الرسول بولس بخصوص الصلاة التي بلا انقطاع يجب أن تفهم كإشارة إلى الصلاة الفكرية، فالفكر في الواقع يمكنه أن يكون دائم الاستغراق في الله، فيعيش الإنسان بذلك في حياة الصلاة بلا انقطاع. سأله عن الطريق الذي به يتجه الذهن إلى الله على الدوام دون أن يغفل، بل يصلي دون انقطاع، أجابه إن هذا الأمر صعب حتى على الذين وهبوا من الله تلك العطية.
ازداد اضطراب السائح، وقضي الليلة عنده ثم عاود السير في الطريق العام مدة خمسة أيام وهو مواظب على قراءة الكتاب المقدس.
في الطريق التقى بأحد الآباء الشيوخ الذي أخبره عن وجود أب مختبر في دير بالقرب منهما. تحدث مع هذا الأب وهما سائران نحو الدير في موضوع الصلاة بلا انقطاع. فأبرز له هذا الأب الآتي:
1. هذا السؤال يحتاج إلى فهم روحي وليس إلى تعليم المدارس.
2. يستخدم البعض حكمة العالم غير المجدية في شرح الأمور الإلهية. فيظن البعض أن الأعمال
الصالحة هي التي تجعلنا نصلي. وعلى العكس فإن الصلاة هي أم الفضائل والأعمال الصالحة.
3. أن الرسول يدعونا أن نعطي الأولوية للصلاة لا الأعمال الصالحة، إذ يقول: “فأطلب أول كل
شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات” (1 تي ۲: ۱). فبدون الصلاة لا يتم عمل صالح، وبدون الصلاة لا يعرف الإنسان كيف يلتقي مع الله ويدخل معه في حوار.
إذ وصلا إلى الدير وهما يتحدثان معا، قال له السائح أن يتفضل ويخبره عن كيفية الصلاة بلا انقطاع. قبل سؤاله بلطف، وأدخله إلى قلايته، وأعطاه مجلدا لأقوال الآباء يقرأ فيه. واستطرد يقول له:
الصلاة التي بلا انقطاع هي مناداة اسم الرب يسوع بالشفاه والفكر والقلب مع تكوين صورة عقلية الحضوره الدائم الثابت، وطلب رحمته خلال كل مشغولية، وفي كل وقت، وفي كل مكان، حتى أثناء النوم.
تغرس هذه العاطفة بترديد هذه الكلمات: “یا ربي يسوع المسيح ابن الله، ارحمني أنا الخاطي”. فمن يعود نفسه على ذلك يختبر أعمق الوسائل التي تزرع الرغبة في أن تدوم الصلاة، وسوف تستمر هذه الطلبة دافعة لنفسها في أعماق قلبه.
أما كيف تتعلم الصلاة، فسنراه في كتاب الفيلوكاليا Philokalia (يعني محبة الصلاح) وهو يحتوي على علم الصلاة الداخلية المستديمة، مفصلا حسبما تناولها بالشرح خمسة وعشرون من آباء الكنيسة. يعتبر المرشد الأساسي إلى الحياة التأملية.
فتح كتاب الفيلوكاليا واختار فقرة للقديس سمعان اللاهوتي الجديد (۹۱۷-۱۰۲۲ م) عن الصلاة بلا انقطاع: اجلس، وفي هدوء وصمت. احني رأسك وأغلق عينيك، وتصؤر نفسك ناظرا إلى داخل قلبك، وانقل أفكارك من عقلك إلى قلبك، وقل مع كل نسمة تخرج منك: “يا سيدي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطي”. قلها بتحريك شفتيك ببساطة أو قلها فقط في عقلك، محاولا أن تدع كل الأفكار الأخرى جانا، وكن هادئا صبورا، وگیمر هذه الطلبة في أحيان كثيرة. ثم طلب إليه أن يعود إليه ليتابع تقدمه، وأن يعترف إليه بكل صراحة، فإنه من العبث أن تمارس عملا روحيا دون مرشد التهذيبنا. شعر السائح بدافع قوي لاختبار الصلاة الداخلية المستديمة.
علم السائح أنه توجد قرية بالقرب من الدير، فذهب إليها يبحث عن مسكين. هناك تمكن من العمل بالأجرة، إذ استأجره أحد الفلاحين ليعتني بحديقته ويحرسها طول الصيف وأعطاه كوځا في أقصى الحديقة، منفردا يعيش فيه.
كان يمارس ما أرشده إليه الأب، تعب كثيرا خلال هذا الأسبوع، لكن حورب بالشعور بالكسل والضجر والنعاس، وهاجمته بعض الأفكار، فبدأ يقرأ في أقوال الأباء، ويجبر نفسه على ترديد صلاة يسوع.
اعترف لدى الأب، فطلب منه أن يكر الصلاة ثلاثة آلاف مرة في اليوم أثناء قيامه وجلوسه ورقاده ومشيه. قبل السائح هذا الأمر بسرور وعاد إلى كوخه ووجد صعوبة في اليومين الأولين، وبعد ذلك صار الأمر سهلا لدرجة أنه متى توقف يشعر بدافع على الاستمرار.
عاد إلى الأب الذي طلب منه أن يكون هادئا وأن يزيد من العدد حتى يعينه الرب. رجع إلى كوخه وصار يردد هذه الصلاة أسبوعا آخر دون أن يتضايق، وتعلم كيف لا يتشتت عقله. قال له الأب: “الآن أترك لك مطلق الحرية لتصلي كما تشاء، فقط حاول أن تكرس أوقات يقظتك للصلاة، واذكر اسم يسوع دون تعداد وأن تسلم نفسك باتضاع لإرادة الرب طالبا منه المعونة. وأنا متأكد أنه لن يتركك بل سيقودك إلى الطريق المستقيم!”
قال السائح: “وبعد وقت ليس بطويل شعرت كما لو أن كلمات الصلاة تخرج من شفتي لتدخل إلى قلبي في توافق عجيب. أعني أن كل كلمة تقال تكون كما لو كان ينطق بها القلب مع دقاته. وحينئذ أبطلت تحريك شفتي، لأن قلبي كان ينطق. وتمنيت أن أرى سيدي يسوع المسيح، فأطرح نفسي عند قدميه وأطوقهما وأقبلهما شاكرا بالدموع، لأنه وهبني بمحبته أن أعيش باسمه في سلام أنا المخلوق الخاطي غير المستحق.
عاودت طريق التجوال لكن لم أكن معوا كما كنت قبلا. كان ذكر اسم يسوع يبعث في الفرح طوال الوقت، وكان الناس يحسنون معاملتي كما لو كانوا جميعا يحبونني.” بلا شك هذا الحب من الناس كان ثمرة انجذابهم إليه بسبب الفرح الداخلي المنعكس على وجهه وتصرفاته لتمتعه بصلاة يسوع دون انقطاع.
القمص تادرس يعقوب ملطي
نشرت قصة السائح الروسي الذي اشتاق إلى التمتع بصلاة يسوع لأول مرة في روسيا في عام 1865 وترجمت لعدة لغات، منها اللغة العربية، وقامت كنيسة مار جرجس باسبورتنج بالإسكندرية بنشره، كما وردت هذه القصة باختصار في كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية في الطبعة الأولى عام 1952.
كما صدرت عدة كتب عنها بالعربية في لبنان ومصر. هذا الكتاب ليس مجرد قصة ولكنه اختبار روحي شيق لازم للإنسان المسيحي، مارسه كثير من الآباء في الكنيسة الأولى بصورة أو أخرى.
قيل عن هذا السائح الروسي أنه هل عندما دخل إلى الكنيسة وسمع في الرسالة إلى أهل تسالونيكي صلوا بلا انقطاع” (5: ۱۷) وصار يفر: هل يمكن للإنسان أن يعمل عملا واحدة طيلة حياته؟
روى السائح الروسي أنه عاش لا منزل له، بل كان يجول من مكان إلى آخر، لا يحمل إلا سلة على ظهره بها خبز يابس ومعه الكتاب المقدس. إذ ذهب إلى الكنيسة سمع من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي الآية: “صلوا بلا انقطاع” (5: ۱۷؛ راجع أف 6: ۱۸؛ ۱ تي ۲: 8). فتح الكتاب المقدس، وقرأ (۱ تس 5: ۱۷)، فصار يفكر كيف ينقذ هذه الوصية وهو مشغول بأمور كثيرة، كيف يصلي في كل الأوقات وفي كل مكان.
قرر أن يمضي من كنيسة إلى كنيسة يسأل أشهر الوعاظ والمرشدين الذين ذاع صيتهم يطلب منهم الإجابة العملية على سؤاله. تحدثوا معه عن أهمية الصلاة وثمارها، لكن لم يجد من يحدثه عن كيفية ممارستها كل حين.
سمع عن أحد النبلاء في إحدى القرى الروسية يقضي كل وقته في الصلاة وقراءة الأسفار المقدسة. ذهب إليه وسأله عن كيفية ممارسة هذه الوصية. صمت الشخص قليلا، ثم قال له: “الصلاة الداخلية الدائمة هي رفع دائم للنفس البشرية أمام الله. وطلب منه أن يصلي كثيرا ليختبر العذوبة التي يعلمنا الله بها كيف نصلي بلا انقطاع. قال له: “صل كثيرا، وصل بحرارة، فالصلاة نفسها هي التي ستعلن لك كيف تصلي بلا انقطاع… لكن الأمر يحتاج إلى وقت طويل “. ثم قدم له زاد ونقودا لأجل سیاحته.
اعترى السائح شعور باليأس، إذ لم يفسر له ما يريده. ثم عاد إلى القراءة والتأمل مفكرا في كل ما قاله ذلك الأب، ولكن لم يصل إلى الحقيقة. ولم يعلم لماذا بدأ لا ينام بالليل.
مشى ما يقرب من 125 ميلا حتى وصل إلى دير، به أب محب طيب القلب، فالتقى به. رب به الأب، سأله: “أيها الأب القديس… أريد أن أعرف كيف يحقق الإنسان خلاصه؟ أجابه: “سر حسب أوامر الله، وأتلي صلواتك فتخلص.” قال السائح: الكنني سمعت أنه ينبغي أن أصلي بلا انقطاع، وهذا هو ما لست أعرفه، ولم أستطع ممارسته. أرجوك أن تفسر لي هذا الأمر”. أجابه بأن عنده كتائبا للقديس ديمتري أسقف روستوف (۱۹۵۱-.۰۹ ) عن التعليم الروحي للإنسان الداخلي.
فقرأ فيه أن كلمات الرسول بولس بخصوص الصلاة التي بلا انقطاع يجب أن تفهم كإشارة إلى الصلاة الفكرية، فالفكر في الواقع يمكنه أن يكون دائم الاستغراق في الله، فيعيش الإنسان بذلك في حياة الصلاة بلا انقطاع. سأله عن الطريق الذي به يتجه الذهن إلى الله على الدوام دون أن يغفل، بل يصلي دون انقطاع، أجابه إن هذا الأمر صعب حتى على الذين وهبوا من الله تلك العطية.
ازداد اضطراب السائح، وقضي الليلة عنده ثم عاود السير في الطريق العام مدة خمسة أيام وهو مواظب على قراءة الكتاب المقدس.
في الطريق التقى بأحد الآباء الشيوخ الذي أخبره عن وجود أب مختبر في دير بالقرب منهما. تحدث مع هذا الأب وهما سائران نحو الدير في موضوع الصلاة بلا انقطاع. فأبرز له هذا الأب الآتي:
1. هذا السؤال يحتاج إلى فهم روحي وليس إلى تعليم المدارس.
2. يستخدم البعض حكمة العالم غير المجدية في شرح الأمور الإلهية. فيظن البعض أن الأعمال
الصالحة هي التي تجعلنا نصلي. وعلى العكس فإن الصلاة هي أم الفضائل والأعمال الصالحة.
3. أن الرسول يدعونا أن نعطي الأولوية للصلاة لا الأعمال الصالحة، إذ يقول: “فأطلب أول كل
شيء أن تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات” (1 تي ۲: ۱). فبدون الصلاة لا يتم عمل صالح، وبدون الصلاة لا يعرف الإنسان كيف يلتقي مع الله ويدخل معه في حوار.
إذ وصلا إلى الدير وهما يتحدثان معا، قال له السائح أن يتفضل ويخبره عن كيفية الصلاة بلا انقطاع. قبل سؤاله بلطف، وأدخله إلى قلايته، وأعطاه مجلدا لأقوال الآباء يقرأ فيه. واستطرد يقول له:
الصلاة التي بلا انقطاع هي مناداة اسم الرب يسوع بالشفاه والفكر والقلب مع تكوين صورة عقلية الحضوره الدائم الثابت، وطلب رحمته خلال كل مشغولية، وفي كل وقت، وفي كل مكان، حتى أثناء النوم.
تغرس هذه العاطفة بترديد هذه الكلمات: “یا ربي يسوع المسيح ابن الله، ارحمني أنا الخاطي”. فمن يعود نفسه على ذلك يختبر أعمق الوسائل التي تزرع الرغبة في أن تدوم الصلاة، وسوف تستمر هذه الطلبة دافعة لنفسها في أعماق قلبه.
أما كيف تتعلم الصلاة، فسنراه في كتاب الفيلوكاليا Philokalia (يعني محبة الصلاح) وهو يحتوي على علم الصلاة الداخلية المستديمة، مفصلا حسبما تناولها بالشرح خمسة وعشرون من آباء الكنيسة. يعتبر المرشد الأساسي إلى الحياة التأملية.
فتح كتاب الفيلوكاليا واختار فقرة للقديس سمعان اللاهوتي الجديد (۹۱۷-۱۰۲۲ م) عن الصلاة بلا انقطاع: اجلس، وفي هدوء وصمت. احني رأسك وأغلق عينيك، وتصؤر نفسك ناظرا إلى داخل قلبك، وانقل أفكارك من عقلك إلى قلبك، وقل مع كل نسمة تخرج منك: “يا سيدي يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطي”. قلها بتحريك شفتيك ببساطة أو قلها فقط في عقلك، محاولا أن تدع كل الأفكار الأخرى جانا، وكن هادئا صبورا، وگیمر هذه الطلبة في أحيان كثيرة. ثم طلب إليه أن يعود إليه ليتابع تقدمه، وأن يعترف إليه بكل صراحة، فإنه من العبث أن تمارس عملا روحيا دون مرشد التهذيبنا. شعر السائح بدافع قوي لاختبار الصلاة الداخلية المستديمة.
علم السائح أنه توجد قرية بالقرب من الدير، فذهب إليها يبحث عن مسكين. هناك تمكن من العمل بالأجرة، إذ استأجره أحد الفلاحين ليعتني بحديقته ويحرسها طول الصيف وأعطاه كوځا في أقصى الحديقة، منفردا يعيش فيه.
كان يمارس ما أرشده إليه الأب، تعب كثيرا خلال هذا الأسبوع، لكن حورب بالشعور بالكسل والضجر والنعاس، وهاجمته بعض الأفكار، فبدأ يقرأ في أقوال الأباء، ويجبر نفسه على ترديد صلاة يسوع.
اعترف لدى الأب، فطلب منه أن يكر الصلاة ثلاثة آلاف مرة في اليوم أثناء قيامه وجلوسه ورقاده ومشيه. قبل السائح هذا الأمر بسرور وعاد إلى كوخه ووجد صعوبة في اليومين الأولين، وبعد ذلك صار الأمر سهلا لدرجة أنه متى توقف يشعر بدافع على الاستمرار.
عاد إلى الأب الذي طلب منه أن يكون هادئا وأن يزيد من العدد حتى يعينه الرب. رجع إلى كوخه وصار يردد هذه الصلاة أسبوعا آخر دون أن يتضايق، وتعلم كيف لا يتشتت عقله. قال له الأب: “الآن أترك لك مطلق الحرية لتصلي كما تشاء، فقط حاول أن تكرس أوقات يقظتك للصلاة، واذكر اسم يسوع دون تعداد وأن تسلم نفسك باتضاع لإرادة الرب طالبا منه المعونة. وأنا متأكد أنه لن يتركك بل سيقودك إلى الطريق المستقيم!”
قال السائح: “وبعد وقت ليس بطويل شعرت كما لو أن كلمات الصلاة تخرج من شفتي لتدخل إلى قلبي في توافق عجيب. أعني أن كل كلمة تقال تكون كما لو كان ينطق بها القلب مع دقاته. وحينئذ أبطلت تحريك شفتي، لأن قلبي كان ينطق. وتمنيت أن أرى سيدي يسوع المسيح، فأطرح نفسي عند قدميه وأطوقهما وأقبلهما شاكرا بالدموع، لأنه وهبني بمحبته أن أعيش باسمه في سلام أنا المخلوق الخاطي غير المستحق.
عاودت طريق التجوال لكن لم أكن معوا كما كنت قبلا. كان ذكر اسم يسوع يبعث في الفرح طوال الوقت، وكان الناس يحسنون معاملتي كما لو كانوا جميعا يحبونني.” بلا شك هذا الحب من الناس كان ثمرة انجذابهم إليه بسبب الفرح الداخلي المنعكس على وجهه وتصرفاته لتمتعه بصلاة يسوع دون انقطاع.