يتطلع القديس يوحنا الذهبي الفم إلى دور الآباء في تربية أطفالهم أنه عمل مقدس، يمارسه الآباء ليقدموا لله ذبائح شكر موضع سروره وبهجته. يؤكد أنه لا يطلب أن يمارس كل طفل الحياة الرهبانية أو أن يعد لها، إنما يعلم الآباء أبناء هم أن يكونوا وقورين (في الرب) من شبابهم المبكر”. إذ يدعوه عملا مقدا، يجعل من الوالدين أن يقتربا إلى أطفالهما لا منذ ولادتهم بل وهم في البطن كما إلى مقدسات إلهية، بروح التقوى، مسنودين بروح الله القدوس، ليقدموا لله ما يليق بهم. إنهم عطية الله، وكلاء عن هذه العطية الفائقة. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
أن يكون للمؤمن أطفال هذا يمس الطبيعة، أما تربيتهم وتعليمهم في الفضائل فهو أمر يخص الفكر والإرادة. إلا أعني بالالتزام بالتنشئة هو ألا يترك الأطفال يموتون جوعا فحسب، كما يقف كثيرون عند هذا الحد بخصوص أطفالهم، فإن هذا تعلنه الطبيعة نفسها كما بصوت عال، ولا يحتاج إلى كتب أو سنين لتعليمه. إنما ما أتكلم عنه هو الاهتمام بقلوب الأطفال والتقوى. هذا واجب مقدس، من ينتهكه يرتكب بصورة ما جريمة قتل للأطفال.
هذا الالتزام يخص الآباء كما الأمهات أيضا. يوجد أباء يضحون بكل شيء لكي يؤمنون لأطفالهم معلمين للتمتع بالملذات، ويجعلون منهم ورثة أغنياء. أما أن يصير الأولاد مسيحيين ويمارسون التقوى، فلا يبالون كثيرا بهذا. يا للعمى الذي يحسب جريمة! إنه إهمال سخيف، مسئول عن الارتباك الذي يجعل المجتمع في مرارة. لنفترض أنك تعد لهم ممتلكات عظيمة. فإنهم إن كانوا يجهلون كيف يسلكون في حياتهم، فحتما لن تدوم هذه الممتلكات معهم. إنها ستتبدد، وتهلك مع أصحابها، ويصير ميراثا غاية في الخطورة!
سيكون أبناؤك في غنى بما فيه الكفاية على الدوام، إن تقبلوا منك تنشئة صالحة، قادرة أن تدبر حياتهم الأخلاقية وسلوكهم. هكذا ليتك لا تجاهد لتجعلهم أغنياء، بل لتجعلهم أتقياء، سادة على أهوائهم، وأغنياء في الفضائل. علمهم ألا يفكروا في احتياجات مخادعة، فيحسبون أنهم يكرمون حسب مستواهم الزمني العالمي المادي). راقب بلطف تصرفاتهم، ومعارفهم وأصدقاءهم، ولا تتوقع أية رحمة تحل من عند الله إن لم تتمم هذا الواجب.
ركز القديس يوحنا الذهبي الفم على النقاط التالية:
أولا: لا تشغلنا ممتلكاتنا عن تربية أبنائنا. إننا نهتم بممتلكاتنا من أجل أبنائنا، أما أبناؤنا أنفسهم فلا نبالي بهم قط! أية سخافة هي هذه ؟! شكل نفس ابنك باستقامة، فينال كل ما تبقى بعد ذلك، فإنه متى كان بلا صلاح لا ينتفع شيئا من الغني، أما متى كان صالحا فإنه لا يصيبه ضررا من الفقر.
ثانيا: لا نوبخهم كمنبوذين بل كأبناء. ليتنا لا نمنعهم من عمل ما هو مقبول بل مما هو ضار، ولا نتهاون معهم كمنبوذين بل كأبناء “. لا تغيظوا أولادكم كما يفعل الكثيرون بواسطة حرمانهم من الميراث، أو التبرؤ منهم، أو معاملتهم كأنهم عبيد لا أحرار.
ثالثا: تعليمهم حب الحكمة الحقيقية. إن علمناهم من البداية حب الحكمة الحقيقية، ستكون لهم ثروة أعظم وأفضل مما يجلبه الغني. إن تعلم طفل التجارة أو نال تعليما عاليا في مهنة مربحة للغاية، هذا كله يحسب كلا شيء إن قورن بفن التخلي عن الغني. إن أردت أن تجعل طفلك غنيا علمه هذا. أن يكون بالحقيقة غنيا فلا يشتهي الممتلكات العظيمة، ولا يحيط نفسه بالثروة، بل لا يطلب شيئا!
رابعا: قدم له الأمور العظيمة لا التافهة. لا تسأل كيف يمكنه أن يتمتع بعمر طويل هنا، بل كيف يتمتع بحياة أبدية لا نهائية في الحياة العتيدة. لا تجاهد لتجعل منه خطيبا بارعا… لست أقصد أن التعليم الزمني بلا قيمة وأن نتجاهله، وإنما يلزم ألأ نرتبك به في مبالغة!
خامسا: سلمه في يدي الرب! لماذا ترفضون الاقتداء برجال ونساء العهد القديم القديسين؟ أخبروني، خاصة أنتن أيتها الأمهات، فلتفكرن في حنة كمثال، أنظرن ماذا فعلت. لقد أحضرت ابنها الوحيد صموئيل إلى الهيكل حينما كان لا يزال طفلا!… (1 صم ۱: ۲۸) أودعيه في يدي ذاك القادر أن يجعله عظيما. ومن هو هذا؟ الله!… لتخجلوا أيها الرجال أمام حكمة هذه المرأة
سادسا: لتقتدوا بالآباء المهتمين بأبنائهم. لتقتدوا بأيوب الذي كان يهتم باستمرار بأبنائه، ويقدم ذبائح لأجل الرحمة عن أي فعل خاطئ ربما ارتكبوه خفية (أي 1: 5). لتقتدوا بإبراهيم الذي لم يشغل نفسه بطلب الغنى مثل انشغاله بحفظ كل عضو في بيته شريعة الله، فشهد الرب له. “لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا” (راجع تك ۱۹: ۱۸ ).
سابعا: الاهتمام المبكر بتربية الطفل. يطالب الذهبي الفم شعب الله أن يبكروا في تربية أطفالهم قدر المستطاع. فإن الطفل في بدء حياته يكون أكثر استعدادا لقبول التوجيه. فإن تأخر الشخص في بدء التربية يصعب تغيير شخصية الطفل وتوجيهها إلى ما هو أفضل.
إن كان الرسول يأمرنا أن نهتم بالآخرين أكثر من اهتمامنا بأنفسنا، وإن كنا تحسب مخطئين متى أهملنا ما هو لنفعهم، ألسنا بالأكثر نكون مخطئين إن كان هذا يخص من هم قريبين منا؟ سيقول لنا الرب: “ألست أنا الذي أعطيت لهؤلاء الأطفال مكائنا في عائلتكم؟ ألست أنا الذي عهدت بهم لرعايتكم، وجعلتكم سادة وحراشا وقضاة عليهم؟ لقد أعطيتكم سلطائا كاملا عليهم. سلمتهم بالكامل لأيديكم من أجل تنشئتهم. ستخبرونني أنهم لم يريدوا أن يحنوا رقابهم للنير، وأنهم طرحوه عنهم. لكن هذا كان يمكن تجنبه من البداية ذاتها. كان يليق بكم أن تحنوا نفوسهم الصغيرة تحت نير الالتزام، وتعودوهم على ذلك، وتعلموهم هذا، وتضمدون الجرح في بداية انفتاحه. كان يليق بكم أن تقتلعوا الزوان عندما بدأ يظهر حول النبات، وما كان يليق بكم أن تنتظروا حتى تتعمق جذوره، فصار لا يمكن ضبط الأهواء وترويضها بتقويتهم تدريجيا خلال تكوينهم ونموهم.
الأبناء الخاضعون والمخلصون الله في طاعتهم لشريعته يجدون مصدر فيض للسعادة حتى في هذه الحياة الزمنية. الرجل الفقير مع أخلاقيات مسيحية يوحي للآخرين بتقديم الوقار له والحب. بينما من كان له قلب شرير منحرف، لن ينقذك كل غناك من غضب كل أحد حولك وبغضه لك.
الشاب الذي تهبه نشأة صالحة ليس فقط يتمتع بتقدير عام، وإنما سيصير عزيزا جدا لك أنت أيضا. سيكون التصاقك به ليس عن انجذاب طبيعي مجرد، وإنما لثمرة فضائله. لهذا فإنك في شیخوختك تتقبل منه ثمرة خدمات محبته البنوية. سيكون عونا لك. وكما أن الذين لا يوقرون الرب يستخفون بوالديهم، فإن الذين يوقرون الله، أب كل البشر، سيقدمون كل احترام للذين أعطوهم الحياة.
القمص تادرس يعقوب ملطي
يتطلع القديس يوحنا الذهبي الفم إلى دور الآباء في تربية أطفالهم أنه عمل مقدس، يمارسه الآباء ليقدموا لله ذبائح شكر موضع سروره وبهجته. يؤكد أنه لا يطلب أن يمارس كل طفل الحياة الرهبانية أو أن يعد لها، إنما يعلم الآباء أبناء هم أن يكونوا وقورين (في الرب) من شبابهم المبكر”. إذ يدعوه عملا مقدا، يجعل من الوالدين أن يقتربا إلى أطفالهما لا منذ ولادتهم بل وهم في البطن كما إلى مقدسات إلهية، بروح التقوى، مسنودين بروح الله القدوس، ليقدموا لله ما يليق بهم. إنهم عطية الله، وكلاء عن هذه العطية الفائقة. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
أن يكون للمؤمن أطفال هذا يمس الطبيعة، أما تربيتهم وتعليمهم في الفضائل فهو أمر يخص الفكر والإرادة. إلا أعني بالالتزام بالتنشئة هو ألا يترك الأطفال يموتون جوعا فحسب، كما يقف كثيرون عند هذا الحد بخصوص أطفالهم، فإن هذا تعلنه الطبيعة نفسها كما بصوت عال، ولا يحتاج إلى كتب أو سنين لتعليمه. إنما ما أتكلم عنه هو الاهتمام بقلوب الأطفال والتقوى. هذا واجب مقدس، من ينتهكه يرتكب بصورة ما جريمة قتل للأطفال.
هذا الالتزام يخص الآباء كما الأمهات أيضا. يوجد أباء يضحون بكل شيء لكي يؤمنون لأطفالهم معلمين للتمتع بالملذات، ويجعلون منهم ورثة أغنياء. أما أن يصير الأولاد مسيحيين ويمارسون التقوى، فلا يبالون كثيرا بهذا. يا للعمى الذي يحسب جريمة! إنه إهمال سخيف، مسئول عن الارتباك الذي يجعل المجتمع في مرارة. لنفترض أنك تعد لهم ممتلكات عظيمة. فإنهم إن كانوا يجهلون كيف يسلكون في حياتهم، فحتما لن تدوم هذه الممتلكات معهم. إنها ستتبدد، وتهلك مع أصحابها، ويصير ميراثا غاية في الخطورة!
سيكون أبناؤك في غنى بما فيه الكفاية على الدوام، إن تقبلوا منك تنشئة صالحة، قادرة أن تدبر حياتهم الأخلاقية وسلوكهم. هكذا ليتك لا تجاهد لتجعلهم أغنياء، بل لتجعلهم أتقياء، سادة على أهوائهم، وأغنياء في الفضائل. علمهم ألا يفكروا في احتياجات مخادعة، فيحسبون أنهم يكرمون حسب مستواهم الزمني العالمي المادي). راقب بلطف تصرفاتهم، ومعارفهم وأصدقاءهم، ولا تتوقع أية رحمة تحل من عند الله إن لم تتمم هذا الواجب.
ركز القديس يوحنا الذهبي الفم على النقاط التالية:
أولا: لا تشغلنا ممتلكاتنا عن تربية أبنائنا. إننا نهتم بممتلكاتنا من أجل أبنائنا، أما أبناؤنا أنفسهم فلا نبالي بهم قط! أية سخافة هي هذه ؟! شكل نفس ابنك باستقامة، فينال كل ما تبقى بعد ذلك، فإنه متى كان بلا صلاح لا ينتفع شيئا من الغني، أما متى كان صالحا فإنه لا يصيبه ضررا من الفقر.
ثانيا: لا نوبخهم كمنبوذين بل كأبناء. ليتنا لا نمنعهم من عمل ما هو مقبول بل مما هو ضار، ولا نتهاون معهم كمنبوذين بل كأبناء “. لا تغيظوا أولادكم كما يفعل الكثيرون بواسطة حرمانهم من الميراث، أو التبرؤ منهم، أو معاملتهم كأنهم عبيد لا أحرار.
ثالثا: تعليمهم حب الحكمة الحقيقية. إن علمناهم من البداية حب الحكمة الحقيقية، ستكون لهم ثروة أعظم وأفضل مما يجلبه الغني. إن تعلم طفل التجارة أو نال تعليما عاليا في مهنة مربحة للغاية، هذا كله يحسب كلا شيء إن قورن بفن التخلي عن الغني. إن أردت أن تجعل طفلك غنيا علمه هذا. أن يكون بالحقيقة غنيا فلا يشتهي الممتلكات العظيمة، ولا يحيط نفسه بالثروة، بل لا يطلب شيئا!
رابعا: قدم له الأمور العظيمة لا التافهة. لا تسأل كيف يمكنه أن يتمتع بعمر طويل هنا، بل كيف يتمتع بحياة أبدية لا نهائية في الحياة العتيدة. لا تجاهد لتجعل منه خطيبا بارعا… لست أقصد أن التعليم الزمني بلا قيمة وأن نتجاهله، وإنما يلزم ألأ نرتبك به في مبالغة!
خامسا: سلمه في يدي الرب! لماذا ترفضون الاقتداء برجال ونساء العهد القديم القديسين؟ أخبروني، خاصة أنتن أيتها الأمهات، فلتفكرن في حنة كمثال، أنظرن ماذا فعلت. لقد أحضرت ابنها الوحيد صموئيل إلى الهيكل حينما كان لا يزال طفلا!… (1 صم ۱: ۲۸) أودعيه في يدي ذاك القادر أن يجعله عظيما. ومن هو هذا؟ الله!… لتخجلوا أيها الرجال أمام حكمة هذه المرأة
سادسا: لتقتدوا بالآباء المهتمين بأبنائهم. لتقتدوا بأيوب الذي كان يهتم باستمرار بأبنائه، ويقدم ذبائح لأجل الرحمة عن أي فعل خاطئ ربما ارتكبوه خفية (أي 1: 5). لتقتدوا بإبراهيم الذي لم يشغل نفسه بطلب الغنى مثل انشغاله بحفظ كل عضو في بيته شريعة الله، فشهد الرب له. “لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا” (راجع تك ۱۹: ۱۸ ).
سابعا: الاهتمام المبكر بتربية الطفل. يطالب الذهبي الفم شعب الله أن يبكروا في تربية أطفالهم قدر المستطاع. فإن الطفل في بدء حياته يكون أكثر استعدادا لقبول التوجيه. فإن تأخر الشخص في بدء التربية يصعب تغيير شخصية الطفل وتوجيهها إلى ما هو أفضل.
إن كان الرسول يأمرنا أن نهتم بالآخرين أكثر من اهتمامنا بأنفسنا، وإن كنا تحسب مخطئين متى أهملنا ما هو لنفعهم، ألسنا بالأكثر نكون مخطئين إن كان هذا يخص من هم قريبين منا؟ سيقول لنا الرب: “ألست أنا الذي أعطيت لهؤلاء الأطفال مكائنا في عائلتكم؟ ألست أنا الذي عهدت بهم لرعايتكم، وجعلتكم سادة وحراشا وقضاة عليهم؟ لقد أعطيتكم سلطائا كاملا عليهم. سلمتهم بالكامل لأيديكم من أجل تنشئتهم. ستخبرونني أنهم لم يريدوا أن يحنوا رقابهم للنير، وأنهم طرحوه عنهم. لكن هذا كان يمكن تجنبه من البداية ذاتها. كان يليق بكم أن تحنوا نفوسهم الصغيرة تحت نير الالتزام، وتعودوهم على ذلك، وتعلموهم هذا، وتضمدون الجرح في بداية انفتاحه. كان يليق بكم أن تقتلعوا الزوان عندما بدأ يظهر حول النبات، وما كان يليق بكم أن تنتظروا حتى تتعمق جذوره، فصار لا يمكن ضبط الأهواء وترويضها بتقويتهم تدريجيا خلال تكوينهم ونموهم.
الأبناء الخاضعون والمخلصون الله في طاعتهم لشريعته يجدون مصدر فيض للسعادة حتى في هذه الحياة الزمنية. الرجل الفقير مع أخلاقيات مسيحية يوحي للآخرين بتقديم الوقار له والحب. بينما من كان له قلب شرير منحرف، لن ينقذك كل غناك من غضب كل أحد حولك وبغضه لك.
الشاب الذي تهبه نشأة صالحة ليس فقط يتمتع بتقدير عام، وإنما سيصير عزيزا جدا لك أنت أيضا. سيكون التصاقك به ليس عن انجذاب طبيعي مجرد، وإنما لثمرة فضائله. لهذا فإنك في شیخوختك تتقبل منه ثمرة خدمات محبته البنوية. سيكون عونا لك. وكما أن الذين لا يوقرون الرب يستخفون بوالديهم، فإن الذين يوقرون الله، أب كل البشر، سيقدمون كل احترام للذين أعطوهم الحياة.