قم الكنيسة الصوم كدواء للنفس، وجاء الطب الحديث يدعو إلى فوائد الطعام النباتي والالتجاء إلى ترك المعدة خاوية من الطعام إلى حين من أجل سلامة الجسد، وكأنه يكشف عن حكمة الكنيسة التي تربط الجسد مع النفس.
يؤمن القديس إكليمنضس السكندري عميد مدرسة الإسكندرية في القرن الثاني أن الحياة المعتدلة في يسوع المسيح هي الطريق الملكي الذي يأخذنا إلى السماوات. لهذا فهو يتمرنا ألا نحيا في رفاهية، أو ننغمس في التبذير. وفي نفس الوقت، فإن كل من الطعام والملبس والأثاث يجب أن يكون في اعتدال بما يناسب الشخص وعمره وعمله وصحته. وأفضل ثروة هي فقر الشهوات. الطريق الأوسط هو المعتدل في كل شيء، والإفراط خطر.
بالنسبة للطعام، يتحدث القديس إكليمنضس عن الطعام والشراب” في كتابه عن المربي Paidagogus، فيقول إننا نأكل لنحيا، وليس نحيا لنأكل. يجب أن يكون نظامنا الغذائي بسيطا، وموجه للنمو والصحة وتنشيط الطاقة مع السيطرة عليها. ويجب تجنب الإفراط، والإسهاب.
يجب ألا ننسى أن الحب (أغابي) مارس، هو أخذ وجبة للجماعة مقا، كما كان أيوب يفعل مع أولاده (أي 1: 4-5). وكان ذلك متبعا في الكنيسة الأولى حتى القرن الثالث. وبالنسبة للشراب، قيل إن قليلا من الخمر يصلح المعدة السقيمة (1 تي 5: ۲۳). إذ إنها جرعة صغيرة لأسباب طبية. والا فالماء يكون هو الأفضل.
لن يمكنكم أن تصبحوا أذكياء إذا انغمستم في مثل هذا التبذير، لتدفنوا عقولكم في بطونكم، وتشبهون الذين يقول عنهم أرسطوطاليس إن قلوبهم في بطونهم، والتي كان الشاعر الكوميدي ابيكارمس يتحدث عنهم بأنهم أصحاب البطن الضخم”. “الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات” (في 3: ۱۹).
أعطانا الرب الطعام والشراب من أجل مخلوقه، أعني هنا الإنسان، ليس لدماره، بل لمصلحته. وأن القانون الطبيعي هو أن الجسد لا يستفيد بالطعام الزائد، بل على العكس، فإن الذين يحيون بأبسط أنواع الطعام هم الأقوى والأصح وأكثر يقظة، وذلك يظهر في الخدم بمقارنتهم مع أسيادهم، أو في الفلاحين بمقارنتهم مع أصحاب الأرض.
ونحن خلقنا، ليس لنأكل أو نشرب، بل لنعرف الرب. وأما الآخرون، فحقا يحيون كي يأكلون مثل. الوحوش، وبالنسبة لهم فإن حياتهم هي بطونهم (في ۳: ۱۹). وأعطانا معلمنا الوصية أن نأكل لنحيا فقط. فالطعام ليس هو الشغل الشاغل، أو المتعة أو الطموح الأساسي. يمنح الطعام لنا لأجل بقائنا في هذا العالم الذي فيه يشكلنا الكلمة للأبدية، بواسطة تعاليمه. ويجب أن يكون طعامنا بسيطا وغير مزخرف، ومناسب للأطفال الذين هم بسطاء، وليس للإفراط في النفس.
يقول القديس إكليمنضس السكندري: أيوجد نوعان من الطعام، واحد يخدم الخلاص والثاني يناسب الهالكين… يليق بنا ألا نسيء استخدام عطايا الآب، ونقوم بدور المبذرين كما فعل الابن الغبي في الإنجيل لو ۱۰: ۱۱-۱۹). بالأحرى ليتنا نستخدمه بنوع من ضبط النفس. حتما لقد أوصينا أن نكون سادة على الطعام لا عبيدا له.
يقول القديس باسيليوس الكبير : الصوم بالحقيقة هو دواء للنفس ودواء للجسد أيضا. فقد يصيب تناول الأطعمة الفاخرة تعبا للمعدة وبعض الأمراض الصعبة للجسم. بينما الصوم مفيد للصحة، إذ يجعل الإنسان الصائم ذا لون وردي، وعيون هادئة، ومشية متزن، وحركاته رصينة. هذا الإنسان تراه لا يقهقه بل يبتسم، ولا يصيح بل يتكلم بهدوء واتزان، وترى كلامه يفيض من قلب نقي وطاهر.
كما يقول: المطلوب في الصوم ليس الامتناع بواسطة الفم بل بواسطة العيون والآذان والأيدي وكل الجسم. نصوم بالأيدي بالطهارة والابتعاد عن السرقة، والأرجل بالابتعاد عن المشاهد المحرمة؛ والعيون بالامتناع عن النظر إلى أي شيء يغري… يا ترى، ما معنى أن ننقطع عن أكل اللحم، ونحن لا ننقطع عن أكل لحم قريبنا بالنميمة والغيبة؟ وما معنى أن نصوم عن الأكل ونحن لا ننقطع عن الأفكار الرديئة والزنا والحقد والبغض؟… الصوم هو جناح الصلاة لترتفع إلى السماء وتخترق إلى عرش الله… هو عماد البيوت، حاضن الصحة، معلم الشباب، زينة الشيوخ، وصديق الأرواح.
لست أعني بالصوم ترك الطعام الضروري، لأن هذا يؤدي إلى الموت. ولكن أعني ترك المأكل الذي يجلب لنا اللذة ويسبب تمد الجسد. الصائم الحقيقي هو الذي يتغرب عن كل الآلام الجسدية حتى الطبيعية.
كما أنه ليس من الحكمة في شيء أن تكون البطن مملوءة وثقيلة، ليس لأن هذا غير مفيد في حالة السير فقط، بل ولا في حالة النوم أيضا، لأن المعدة وهي متخمة لا يمكنها أن تهدأ، لكنك تضطر أن تنقلب مرة إلى هذه الناحية ومرة إلى الناحية الأخرى.
القمص تادرس يعقوب ملطي
قم الكنيسة الصوم كدواء للنفس، وجاء الطب الحديث يدعو إلى فوائد الطعام النباتي والالتجاء إلى ترك المعدة خاوية من الطعام إلى حين من أجل سلامة الجسد، وكأنه يكشف عن حكمة الكنيسة التي تربط الجسد مع النفس.
يؤمن القديس إكليمنضس السكندري عميد مدرسة الإسكندرية في القرن الثاني أن الحياة المعتدلة في يسوع المسيح هي الطريق الملكي الذي يأخذنا إلى السماوات. لهذا فهو يتمرنا ألا نحيا في رفاهية، أو ننغمس في التبذير. وفي نفس الوقت، فإن كل من الطعام والملبس والأثاث يجب أن يكون في اعتدال بما يناسب الشخص وعمره وعمله وصحته. وأفضل ثروة هي فقر الشهوات. الطريق الأوسط هو المعتدل في كل شيء، والإفراط خطر.
بالنسبة للطعام، يتحدث القديس إكليمنضس عن الطعام والشراب” في كتابه عن المربي Paidagogus، فيقول إننا نأكل لنحيا، وليس نحيا لنأكل. يجب أن يكون نظامنا الغذائي بسيطا، وموجه للنمو والصحة وتنشيط الطاقة مع السيطرة عليها. ويجب تجنب الإفراط، والإسهاب.
يجب ألا ننسى أن الحب (أغابي) مارس، هو أخذ وجبة للجماعة مقا، كما كان أيوب يفعل مع أولاده (أي 1: 4-5). وكان ذلك متبعا في الكنيسة الأولى حتى القرن الثالث. وبالنسبة للشراب، قيل إن قليلا من الخمر يصلح المعدة السقيمة (1 تي 5: ۲۳). إذ إنها جرعة صغيرة لأسباب طبية. والا فالماء يكون هو الأفضل.
لن يمكنكم أن تصبحوا أذكياء إذا انغمستم في مثل هذا التبذير، لتدفنوا عقولكم في بطونكم، وتشبهون الذين يقول عنهم أرسطوطاليس إن قلوبهم في بطونهم، والتي كان الشاعر الكوميدي ابيكارمس يتحدث عنهم بأنهم أصحاب البطن الضخم”. “الذين نهايتهم الهلاك، الذين إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، الذين يفتكرون في الأرضيات” (في 3: ۱۹).
أعطانا الرب الطعام والشراب من أجل مخلوقه، أعني هنا الإنسان، ليس لدماره، بل لمصلحته. وأن القانون الطبيعي هو أن الجسد لا يستفيد بالطعام الزائد، بل على العكس، فإن الذين يحيون بأبسط أنواع الطعام هم الأقوى والأصح وأكثر يقظة، وذلك يظهر في الخدم بمقارنتهم مع أسيادهم، أو في الفلاحين بمقارنتهم مع أصحاب الأرض.
ونحن خلقنا، ليس لنأكل أو نشرب، بل لنعرف الرب. وأما الآخرون، فحقا يحيون كي يأكلون مثل. الوحوش، وبالنسبة لهم فإن حياتهم هي بطونهم (في ۳: ۱۹). وأعطانا معلمنا الوصية أن نأكل لنحيا فقط. فالطعام ليس هو الشغل الشاغل، أو المتعة أو الطموح الأساسي. يمنح الطعام لنا لأجل بقائنا في هذا العالم الذي فيه يشكلنا الكلمة للأبدية، بواسطة تعاليمه. ويجب أن يكون طعامنا بسيطا وغير مزخرف، ومناسب للأطفال الذين هم بسطاء، وليس للإفراط في النفس.
يقول القديس إكليمنضس السكندري: أيوجد نوعان من الطعام، واحد يخدم الخلاص والثاني يناسب الهالكين… يليق بنا ألا نسيء استخدام عطايا الآب، ونقوم بدور المبذرين كما فعل الابن الغبي في الإنجيل لو ۱۰: ۱۱-۱۹). بالأحرى ليتنا نستخدمه بنوع من ضبط النفس. حتما لقد أوصينا أن نكون سادة على الطعام لا عبيدا له.
يقول القديس باسيليوس الكبير : الصوم بالحقيقة هو دواء للنفس ودواء للجسد أيضا. فقد يصيب تناول الأطعمة الفاخرة تعبا للمعدة وبعض الأمراض الصعبة للجسم. بينما الصوم مفيد للصحة، إذ يجعل الإنسان الصائم ذا لون وردي، وعيون هادئة، ومشية متزن، وحركاته رصينة. هذا الإنسان تراه لا يقهقه بل يبتسم، ولا يصيح بل يتكلم بهدوء واتزان، وترى كلامه يفيض من قلب نقي وطاهر.
كما يقول: المطلوب في الصوم ليس الامتناع بواسطة الفم بل بواسطة العيون والآذان والأيدي وكل الجسم. نصوم بالأيدي بالطهارة والابتعاد عن السرقة، والأرجل بالابتعاد عن المشاهد المحرمة؛ والعيون بالامتناع عن النظر إلى أي شيء يغري… يا ترى، ما معنى أن ننقطع عن أكل اللحم، ونحن لا ننقطع عن أكل لحم قريبنا بالنميمة والغيبة؟ وما معنى أن نصوم عن الأكل ونحن لا ننقطع عن الأفكار الرديئة والزنا والحقد والبغض؟… الصوم هو جناح الصلاة لترتفع إلى السماء وتخترق إلى عرش الله… هو عماد البيوت، حاضن الصحة، معلم الشباب، زينة الشيوخ، وصديق الأرواح.
لست أعني بالصوم ترك الطعام الضروري، لأن هذا يؤدي إلى الموت. ولكن أعني ترك المأكل الذي يجلب لنا اللذة ويسبب تمد الجسد. الصائم الحقيقي هو الذي يتغرب عن كل الآلام الجسدية حتى الطبيعية.
كما أنه ليس من الحكمة في شيء أن تكون البطن مملوءة وثقيلة، ليس لأن هذا غير مفيد في حالة السير فقط، بل ولا في حالة النوم أيضا، لأن المعدة وهي متخمة لا يمكنها أن تهدأ، لكنك تضطر أن تنقلب مرة إلى هذه الناحية ومرة إلى الناحية الأخرى.