أولا: عرفت الكنيسة العمل الذبيحي منذ العصر الرسولي، إذ يقول الرسول: “لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون الخيمة أن يأكلوا منه” (عب ۱۳: ۱۰)، كما تحدث الرسول في سفر العبرانيين
أصحاح ۱۰) عن ذبائح العهد القديم كرموز تحققت في الكفارة والإفخارستيا. وأشار أيضا إلى الإفخارستيا كذبيحة عندما قارن مائدة الرب بمائدة الشياطين (1 كو ۱۰: ۲۰-۲۱).
ثانيا: يشير كاتب الديداكية حوالي سنة ۱۰۰م إلى الإفخارستيا كذبيحة طاهرة. هذا ما أكده آباء الكنيسة مثل القديسين أغناطيوس ويوستين وايرينيوس وكيرلس الأورشليمي وكبريانوس وأغسطينوس.
ثالثا: استخدمت الكنيسة الأولى الكلمتين اليونانيتين: “زوسيا أي ذبيحة”. “بروسفورا أي تقدمة”، في الحديث عن الإفخارستيا. ودعا القديس أغناطيوس اجتماع الكنيسة الإفخارستي “سوزستيرون” أي موضع الذبيحة”. وأعلن القديس إكليمنضس الروماني أن عمل الأسقف هو تقديم “بروسفيتيريا” أي القرابين.
رابعا: عرف الآباءه كلمة ترابيزة أي مائدة أنها مذبح. هذا لا ينزع عن الإفخارستيا العمل الذبيحي، وإنما يصبغ عليه فهما جديدا. ففي العهد القديم كانت الذبائح حيوانية يقودها الناس إلى المذبح لكي تذبح بغير إرادتها وبغير مشاعر! أما على مذبحنا فالذبيح عليه بإرادته المملوءة حبا، يهبنا الحياة. فهو ليس بالذبيحة فحسب إنما هو أيضا الكاهن الخفي واهب الحياة، الوسيط بين أبيه السماوي والناس خلال عمله الذبيحي. يقول القديس أغسطينوس: إنها الذبيحة الجامعة، يقدمها الكاهن الأعظم بله. هذا الذي قدم نفسه بالآلام من أجلنا لكي يجعل منا جسدا لرأس عظيم كهذا.
هذه هي ذبيحة المسيحيين. حيث يصير الكل في المسيح يسوع جسدا واحدا فريدا! هذا ما تقدسه الكنيسة خلال سر المذبح! فإنها وهي ترفع القرابين لله تقدم نفسها قربانا له!! كما يقول: أليس المذبح أيضا سماوئا؟! كيف؟ ليس عليه شيء جسداني، بل الكل روحي يصير ذبيحة. والذبيحة لا تتحول إلى رماد ودخان… بل ما عليه هو بهي وسام… الكنيسة سماوية، بل ما هي إلا سماء!
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: مهوبة حقا هي أسرار الكنيسة! مهوب حقا هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهارا مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعا يبعث أنهارا روحية، لا يزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر، بل تزرع أشجا تصل إلى السماء، وتحمل ثمرا دائما لا يفسد. إن كان أحد لفحه الحر، فليقترب من الينبوع، فتبرد حروقه، وينطفئ ظمأه، ويحمل راحة عوض الحروق التي سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته في الأعالي ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هي مجاري هذا الينبوع الذي يرسله المعزي. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأسا ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا.
هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية في الأعالي تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذي لا يقترب منه. من يشترك في هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحقا بثوب المسيح الملوكي، له أسلحة الروح، لا بل يلتحق بالملك نفسه. ويقول كثيرون يقولون الآن: إني أرغب في رؤية هيئته وملابسه ونعاله. آه! ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقا أنت تريد ملابسه، وها هو يعطي لك ذاته، لا لكي تراه فحسب، بل تلمسه وتتناوله وتقبله في داخلك.
عندما ترى المائدة معدة قدامك قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون ترابا ورمادا، ولا أكون سجينا بل حرا! من أجل هذا الجسد) أترجي السماء، وأتقبل الخيرات السماوية، والحياة الخالدة، ونصيب الملائكة، والمناجاة مع المسيح! شمر هذا الجسد بالمسامير وجلد، ولا يعود يقدر عليه الموت! إنه الجسد الذي لطخ بالدماء وطعن، ومنه خرج الينبوعان المخلصان للعالم: ينبوع الدم وينبوع الماء!
عندما ترى الرب ذبيحا، وموضوعا على المذبح، والكاهن يقف مصليا على الذبيحة، وكل المصلين قد اصطبغوا بالدم الثمين، هل تستطيع أن تقول إنك لا تزال بين الناس، وأنك واقف على الأرض؟!…. ألست على العكس قد عبرت مباشرة إلى السماء ؟!!
ما دمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر في زحفنا على الأرض، فإن من يريد منا ألا يكون بعد على الأرض يستطيع من الآن ذلك… إذ نقترب من الله، نصير في السماء، بل ماذا أريد من السماء إن كنت أرى رب السماء وصرت أنا نفسي سماء ؟!
إنه يدعونا إلى السماء، يدعونا إلى مائدة الملك العظيم والعجيب، فهل. نتردد بدلا من أن نسرع إليها ونجري نحوها؟! أي عذر لنا؟ فإننا لا نقدر أن نلوم ضعفنا ونشتكي طبيعتنا، بل بالأحرى إهمالنا وحده هو سر عدم استحقاقنا؟.
القمص تادرس يعقوب ملطي
أولا: عرفت الكنيسة العمل الذبيحي منذ العصر الرسولي، إذ يقول الرسول: “لنا مذبح لا سلطان للذين يخدمون الخيمة أن يأكلوا منه” (عب ۱۳: ۱۰)، كما تحدث الرسول في سفر العبرانيين
أصحاح ۱۰) عن ذبائح العهد القديم كرموز تحققت في الكفارة والإفخارستيا. وأشار أيضا إلى الإفخارستيا كذبيحة عندما قارن مائدة الرب بمائدة الشياطين (1 كو ۱۰: ۲۰-۲۱).
ثانيا: يشير كاتب الديداكية حوالي سنة ۱۰۰م إلى الإفخارستيا كذبيحة طاهرة. هذا ما أكده آباء الكنيسة مثل القديسين أغناطيوس ويوستين وايرينيوس وكيرلس الأورشليمي وكبريانوس وأغسطينوس.
ثالثا: استخدمت الكنيسة الأولى الكلمتين اليونانيتين: “زوسيا أي ذبيحة”. “بروسفورا أي تقدمة”، في الحديث عن الإفخارستيا. ودعا القديس أغناطيوس اجتماع الكنيسة الإفخارستي “سوزستيرون” أي موضع الذبيحة”. وأعلن القديس إكليمنضس الروماني أن عمل الأسقف هو تقديم “بروسفيتيريا” أي القرابين.
رابعا: عرف الآباءه كلمة ترابيزة أي مائدة أنها مذبح. هذا لا ينزع عن الإفخارستيا العمل الذبيحي، وإنما يصبغ عليه فهما جديدا. ففي العهد القديم كانت الذبائح حيوانية يقودها الناس إلى المذبح لكي تذبح بغير إرادتها وبغير مشاعر! أما على مذبحنا فالذبيح عليه بإرادته المملوءة حبا، يهبنا الحياة. فهو ليس بالذبيحة فحسب إنما هو أيضا الكاهن الخفي واهب الحياة، الوسيط بين أبيه السماوي والناس خلال عمله الذبيحي. يقول القديس أغسطينوس: إنها الذبيحة الجامعة، يقدمها الكاهن الأعظم بله. هذا الذي قدم نفسه بالآلام من أجلنا لكي يجعل منا جسدا لرأس عظيم كهذا.
هذه هي ذبيحة المسيحيين. حيث يصير الكل في المسيح يسوع جسدا واحدا فريدا! هذا ما تقدسه الكنيسة خلال سر المذبح! فإنها وهي ترفع القرابين لله تقدم نفسها قربانا له!! كما يقول: أليس المذبح أيضا سماوئا؟! كيف؟ ليس عليه شيء جسداني، بل الكل روحي يصير ذبيحة. والذبيحة لا تتحول إلى رماد ودخان… بل ما عليه هو بهي وسام… الكنيسة سماوية، بل ما هي إلا سماء!
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: مهوبة حقا هي أسرار الكنيسة! مهوب حقا هو المذبح! لقد خرج من الفردوس ينبوع يبعث أنهارا مادية، أما هذه المائدة فأخرجت ينبوعا يبعث أنهارا روحية، لا يزرع على جوانبها شجر الصفصاف غير المثمر، بل تزرع أشجا تصل إلى السماء، وتحمل ثمرا دائما لا يفسد. إن كان أحد لفحه الحر، فليقترب من الينبوع، فتبرد حروقه، وينطفئ ظمأه، ويحمل راحة عوض الحروق التي سببتها السهام النارية لا الشمس. فإن بدايته في الأعالي ومصدره هناك، ومن السماء تفيض مياهه. كثيرة هي مجاري هذا الينبوع الذي يرسله المعزي. الابن هو الشفيع، لا يمسك فأسا ليمهد لنا الطريق، إنما يفتح أذهاننا.
هذا الينبوع هو نور يبعث أشعة الحق، تقف بجواره القوات السمائية في الأعالي تتطلع إلى جمال مجاريه، إذ هم قادرون بالأكثر على إدراك قوة الأمور الموضوعة عليه والبهاء الذي لا يقترب منه. من يشترك في هذا الدم يقف مع الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات العلوية، ملتحقا بثوب المسيح الملوكي، له أسلحة الروح، لا بل يلتحق بالملك نفسه. ويقول كثيرون يقولون الآن: إني أرغب في رؤية هيئته وملابسه ونعاله. آه! ها أنت تراه وتلمسه وتتناوله! حقا أنت تريد ملابسه، وها هو يعطي لك ذاته، لا لكي تراه فحسب، بل تلمسه وتتناوله وتقبله في داخلك.
عندما ترى المائدة معدة قدامك قل لنفسك: من أجل جسده لا أعود أكون ترابا ورمادا، ولا أكون سجينا بل حرا! من أجل هذا الجسد) أترجي السماء، وأتقبل الخيرات السماوية، والحياة الخالدة، ونصيب الملائكة، والمناجاة مع المسيح! شمر هذا الجسد بالمسامير وجلد، ولا يعود يقدر عليه الموت! إنه الجسد الذي لطخ بالدماء وطعن، ومنه خرج الينبوعان المخلصان للعالم: ينبوع الدم وينبوع الماء!
عندما ترى الرب ذبيحا، وموضوعا على المذبح، والكاهن يقف مصليا على الذبيحة، وكل المصلين قد اصطبغوا بالدم الثمين، هل تستطيع أن تقول إنك لا تزال بين الناس، وأنك واقف على الأرض؟!…. ألست على العكس قد عبرت مباشرة إلى السماء ؟!!
ما دمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر في زحفنا على الأرض، فإن من يريد منا ألا يكون بعد على الأرض يستطيع من الآن ذلك… إذ نقترب من الله، نصير في السماء، بل ماذا أريد من السماء إن كنت أرى رب السماء وصرت أنا نفسي سماء ؟!
إنه يدعونا إلى السماء، يدعونا إلى مائدة الملك العظيم والعجيب، فهل. نتردد بدلا من أن نسرع إليها ونجري نحوها؟! أي عذر لنا؟ فإننا لا نقدر أن نلوم ضعفنا ونشتكي طبيعتنا، بل بالأحرى إهمالنا وحده هو سر عدم استحقاقنا؟.