يقول الأب سهيل قاشا ” يظهر أن الذين كتبوا سفر الخروج، لم يتردَّدوا في تحريف متنه. فقد جاءت الآية 18 من أول آيات الإصحاح الثاني والعشرين تماماً، بعد الآية 25 من الإصحاح التاسع عشر، وأُقحم ما بين ذلك الوصايا العشر، وعلاوة على هذا فالكلمات العشر المذكورة، لو كانت من أصل كتاب الخروج، لما كان من ضرورة للإصحاح الثالث والعشرين من آيته الأولى حتى الآية الثالثة والعشرين، التي هي تكرار للإصحاح العشرين0 وأما ما يتعلق بالوصايا العشر فإن العلماء لهم أبحاث عديدة عن تاريخها وأصلها، وهم يدَّعون أنها مدسوسة في الإصحاح العشرين.. ولهذا يجب الإقرار بأن الوصايا المذكورة هي متأخرة عن السفر المشار إليه.. ونظراً لما تقدم يجب حذف الوصايا لعشر ” (1).
(1) التوراة البابلية ص 178
حلمي القمص يعقوب
1- هل الأب سهيل قاشا ينقل آراء بعض النُقَّاد أم أن هذا رأيه الخاص؟ فهذا الأمر غير واضح، فقد تجده يقول ” وهم يدَّعون “.. فإن كان هذا رأي النقاد، فلماذا لم يرد عليه؟ وإن كان هذا رأيه الخاص فهو رأي مرفوض لأسباب عديدة.
2- الذي كتب سفر الخروج وبقية التوراة هو موسى النبي، وليس عدة أشخاص، وقد خضنا غمار هذا الموضوع من خلال ردنا على نظرية المصادر (راجع مدارس النقد جـ1 إجابة س 10 إلى س 39 ص 79 – 226) إذاً عبارة ” الذين كتبوا ” هي عبارة خاطئة لا محل لها من الإعراب.
3- يقول الأب سهيل قاشا ” الذين كتبوا سفر الخروج لم يترددوا في تحريف متنه ” فكيف يتأتي للكتَّاب الذين كتبوا أصـل النص (مع أن كاتب التوراة هو واحد) أن يحرّفوه؟! هل كتبوه وبعد ذلك حرَّفوه، أم أنهم كتبوه وجاء بعدهم من حرَّفه؟ أليس من المفروض أن يكون المُحرّف غير الكاتب الأصلي، وقصد هذا غير قصد ذاك، فكيف يجمعهما الأب سهيل قاشا في واحد؟!
4- يدعي الناقد أن الآية ” لا تدع ساحرة تعيش ” (خر 22 : 18) كانت في الترتيب بعد الآية ” فانحدر موسى إلى الشعب وقال لهم ” (خر 19 : 25) ثم جاء البعض وحشر الوصايا العشر، بل حشر الإصحاح العشرين بالكامل والإصحاح الواحد والعشرين بالكامل والإصحاح الثاني والعشرين حتى الآية 17.. ولم يذكر الناقد الحجة أو السند الذي إعتمد عليه في قوله هذا؟ هل هذا مجرد رأي شخصي؟! وإن لم يكن هذا يمثل رأيه الشخصي، فلماذا لم يورد من أقوال الآباء الأولين وعلماء الكتاب ما يؤيد قوله هذا؟!.
5- يدعي الناقد أن الوصايا العشر لو كانت من أصل سفر الخروج فما كان هناك ضرورة للإصحاح الثالث والعشرين من الآية الأولى وحتى الآية الثالثة والعشرين، التي هي تكرار للإصحاح العشرين، وهذا القول جانبه الصواب، لأن الإصحاح العشرين شمل الأمور الآتية :
أ – الوصايا العشر (خر 20 : 1 – 17).
ب- إرتجاف الشعب من الرعود والبروق، ووقوفهم بعيداً وإقتراب موسى (خر 20 : 18 – 21).
جـ- النهي عن صنع الأصنام (خر 20 : 22).
د – صفات المذبح (خر 20 : 24 – 26).
بينما شمل الإصحاح الثالث والعشرين الأمور الآتية :
أ – شرائع من جهة الخبر الكاذب وشاهد الظلم (خر 23 : 1، 2).
ب – الحض على العدل وعدم المحاباة (خر 23 : 3).
جـ- الإحسان إلى العدو برد ثوره أو حماره الشارد، وإنقاذه من الخطر (خر 23 : 4، 5).
د – الحفاظ على حق الفقير، والبعد عن الكذب، والحذر من قتل البرئ، والبعد عن الرشوة (خر 23 : 6 – 8).
هـ- الحفاظ على مشاعر الغرباء (خر 23 : 9).
و – راحة الأرض والحيوان في السنة السابعة (خر 23 : 10 – 12).
ز – عدم ذكر أسماء آلهة أخرى (خر 23 : 13).
ح – الأعياد الثلاثة والتقدمات (خر 23 : 14 – 19).
ط – التحذير من مخالفة الملاك الحافظ (خر 23 : 2- – 23).
فواضح جداً أن ما ورد في (خر 23 : 1 – 23) يختلف في معظمه عما ورد في الإصحاح العشرين من ذات السفر.
6- يرى الناقد أنه كان من المفروض حذف الوصايا العشر، بينما تعبر الوصايا العشر عن الدستور الإلهي، فكل ما جاء من شرائع في العهد القديم ينبثق من روح هذا الدستور.. فلمصلحة من يطلب الناقد بحذف الدستور الإلهي؟!