هل بعد أن اعتذر لوط عن الهروب إلى الجبل، وطلب من الملاكين أن يذهب إلى صوغر، عاد إلى الجبل؟ .
” و كان لما أخرجاهم إلى خارج انه قال اهرب لحياتك لا تنظر إلى ورائك و لا تقف في كل الدائرة اهرب إلى الجبل لئلا تهلك. فقال لهما لوط لا يا سيد.هوذا عبدك قد وجد نعمة في عينيك و عظمت لطفك الذي صنعت إلي باستبقاء نفسي و انا لا اقدر أن اهرب إلى الجبل لعل الشر يدركني فأموت.هوذا المدينة هذه قريبة للهرب إليها و هي صغيرة اهرب إلى هناك أليست هي صغيرة فتحيا نفسي.فقال له إني قد رفعت وجهك في هذا الأمر أيضا أن لا اقلب المدينة التي تكلمت عنها. أسرع اهرب إلى هناك… و صعد لوط من صوغر و سكن في الجبل و ابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو و ابنتاه.” [تك19/17ـ30].
ـ وهل يعقل أن يعيش شيخ عجوز وابنتاه العذريتين في الجبل ويتركان المدينة المأهولة بالسكان؟ وهل يعقل انه لا يوجد رجال ليتزوجوا من ابنتي لوط كقولهما ” و قالت البكر للصغيرة أبونا قد شاخ و ليس في الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض. هلم نسقي أبانا خمرا و نضطجع معه فنحيي من أبينا نسلا…… فحبلت ابنتا لوط من ابيهما.” [تك19/31ـ36].
ـ وهل مرر لوط الحادثة بسهولة ولم يمت كمدا؟ ألم يتساءل كيف حبلت ابنتاه بدون زواج؟ ؟
” فولدت البكر ابنا و دعت اسمه موآب و هو ابو الموابيين إلى اليوم. و الصغيرة أيضا ولدت ابنا و دعت اسمه بن عمي و هو أبو بني عمون إلى اليوم ” [تك19/37ـ38]. إذا موآب وبني عمى أبناء زنى، فكيف يذكي الله الموآبيين والعمونيين فيملكهم الأرض قبل أن يملك بنو إسرائيل. وقد حرم الله أرضهم على بني إسرائيل ” ثم كلمني الرب قائلا….. فمتى قربت الى تجاه بني عمون لا تعادهم و لا تهجموا عليهم لأني لا أعطيك من ارض بني عمون ميراثا لأني لبني لوط قد أعطيتها ميراثا.” [تث2/9، 19]
1- عندما ارتعد لوط من منظر سدوم وعمورة، وبعد أن سمح له الملاك بالسكنى في صوغر، خشى من أهلها الأشرار، وأعاد حساباته سريعًا لئلا يحل بصوغر فيما بعد ما حلَّ بسدوم وعمورة ” صعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه. لأنه خاف أن يسكن في صوغر. فسكن في المغارة هو وابنتاه” (تك 19: 30).. لقد لجأ إلى الجبل كما أمره الملاك أولًا قائلًا ” أهرب إلى الجبل لئلا تهلك” (تك 29: 17).
2- يقول أحد الآباء الرهبان بدير مار مينا العامر ” خشى الصديق ألا يقدر على الوصول إلى الموضع الذي حدداه له الملاكان، إذ كان لا طاقة له على إدراك الجبل، فلكي لا تنله الشرور فيموت، لذلك نظر إلى المدينة القريبة إليه ليفر إليها، وإن كانت صغيرة ففيها يخلص وتحيا نفسه، ولما كان الخوف من العقاب الذي لحق بأهل سدوم متزايدًا مع لوط، ابتعد عن المكان وسكن في الجبل مع ابنتيه”(2).
3- تقول الدكتور نبيلة توما ” نعم يُعقل أن شيخ وابنتاه يعيشوا في الجبل حسب أمر الله، والله سيدبر حياتهم كما يرى، متى سلموا حياتهم له، فدائمًا يختار الله هنا الأفضل حتى لو في الظاهر بدأ أنه الاختيار الأصعب أو الغير منطقي {ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لأنه من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا} (رو 11: 33، 34)”(3).
_____
(1) التناقض في تواريخ وأحداث التوراة ص 50.
(2) من إجابات أسئلة سفر التكوين.
(3) من إجابات أسئلة سفر التكوين.