هل تُعد الضربات العشر مجرد ظواهر طبيعية، ولا تدخل في نطاق الإعجاز؟
هل نسيت كلمة المرور؟ الرجاء إدخال بريدك الإلكتروني، وسوف تصلك رسالة عليه حتى تستطيع عمل كلمة مرور جديدة.
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
نسب بعض النُقَّاد هذه الضربات للطبيعة، فقالوا أن مياه النيل التي تغير لونها ما هي إلاَّ ظاهرة النيل الأحمر التي تحدث في الفيضان، وأن تكاثر الضفادع جاء مع فيضان النيل، كما إعتادت مصر أن تمتلئ الحقول بالبعوض في فصل الخريف، وعندما ماتت الضفادع وتعفنت إنبعث منها ضربة الذباب، وقد يرجع نفوق الماشية إلى مرض الجمرة الخبيثة بسبب أكوام الضفادع المتعفنة، وأن ضربة الدمامل ما هي إلاَّ حمو النيل الذي عُرف في مصر وقت فيضان النيل، وأن السبب في ضربة الظلام هو رياح الخماسين المحملة بالأتربة.
ويقول الخوري بولس الفغالي ” نستطيع أن نفسر هذه الضربات فنلاحظ أنها ليست معجزات بالمعنى الحصري للكلمة، بل ظواهر طبيعية معروفة في مصر. تغيرُّ مياه النيل بواسطة الرمل الأحمر أو الحشائش ثم الجراد والضفادع والذباب وكسوف الشمس أو ريح الصحراء التي تجعل الشمس مظلمة (رياح الخماسين) ” (1) كما يقول أيضاً ” أن المعجزات المروية هنا ليست عجائب تتنافى ونواميس الطبيعة. كل ما حدث في مصر يستند إلى ظواهر طبيعية. النيل يحمَّر، الضفادع والبعوض والذباب والجراد يهجم، الوباء والقروح والبَرَد والظلام الذي يحمله هواء الصحراء.. المعجزات لا تكمن فيما حدث، لأن ما حدث معروف وهو لا يدهش فرعون ولا المصريين. العمل العجائبي يكمن في حدوث هذه الظواهر في الوقت الذي يريده الله ” (2).
ويقول زينون كوسيدوفسكي ” لقد صار معروفاً من زمن بعيد أن ما يُسمى بالأوبئة والعقوبات المصرية (الضربات العشر ما عدا العاشرة منها) كانت ظواهر عادية في بلد الفراعنة، ففي فترة فيضان نهر النيل كثيراً ما يصبح لون ماءه بنياً ضارباً للحمرة وذلك نتيجة للطمي الكثير الذي يحمله من البحيرات الأثيوبية، عدا ذلك فإن البعوض وحشرات أخرى تتكاثر خلال فيضان النيل وعلى فترات متقطعة بشكل غير معقول. مما أرغم الفلاحين المصريين على إعتبار ذلك كارثة فعلية. أما ما يتعلق بالبَرَد فالحق يقال أنه يتساقط فوق النيل نادراً، ولكنه إذا ما تساقط فإن الضرر الذي يلحقه يكون كبيراً جداً. لكن كارثة أخرى كانت أكثر شيوعاً في مصر. إنها هجوم الجراد. أما سبب الظلام المصري فهو إعصار الرياح الجنوبية الشرقية الذي يحمل معه من الصحراء سحباً رملية كبيرة جداً يلقيها على مصر، حاجباً بذلك الشمس لدرجة أن الظلام يعم المنطقة فعلاً ” (1).
ويرفض التفسير الحديث تغير لون الماء بسبب الشمس، ويُرجعه إلى طمي الفيضان ” علينا أن نرفض ما قيل من أن المقصود هو ضوء الشمس الذي ينعكس على الماء عند الغروب. فإذا كان هذا الضوء يستطيع أن يغير من مظهر الماء وقتياً، إلاَّ أنه لا يؤثر في طعمه أو رائحته. وثمة تفسير أفضل وهو أن الطمي الأحمر الذي يأتي من أثيوبيا (الذي يسبب الظاهرة السنوية التي يسميها المصريون الماء الأحمر) ” (2).
ج : 1- سبق الإشارة لهذا الموضوع فيرجى الرجوع إلى (مدارس النقد جـ 2 س 71 ص 37 – 44).
2- لو كانت ضربة الدم هي مجرد تغيُّر في لون المياه بسبب الطمي الذي يجرفه الفيضان من مرتفعات أثيوبيا، لصح القول بأنها مجرد ظاهرة طبيعية، ولكن الذي حدث أن طبيعة المياه تحولت فعلاً إلى دم فاستحالت الحياة على الأسماك فنفقت، ولم يقدر المصريون على الشرب من هذه المياه التي تعودوا على الشرب منها فراحوا يحفرون لأنفسهم آباراً ” ومات السمك الذي في النهر وأنتن النهر. فلم يقدر المصريون أن يشربوا ماء من النهر ” (خر 7 : 21) وإن كان التفسير الحديث أستبعد إنعكاس ضوء الشمس على المياه لأن هذا الضوء لا يغير من طعم الماء ولا من رائحته، كان عليه أن يستبعد الطمي الأحمر لأن هذا الطمي أيضاً لا يغير من طبيعة المياه، بل كان من الممكن للمصريين وضع هذه المياه المختلطة بالطمي في الآنية الفخارية (الزير) كما إعتادوا فيترسب الطمي ويصبح الماء صالحاً للشرب.
3- لو كانت هذه الضربات ظواهر طبيعة لعمت كل أرجاء البلاد المصرية دون تمييز، وكان من المفروض أن يقاسي منها كل من يسكن على الأراضي المصرية بدون تمييز أيضاً، ولكن من أوجه الإعجاز أن معظم هذه الضربات سقطت على المصريين دون بني إسرائيل، وعمت الأراضي المصرية دون أرض جاسان فمثلاً :
أ – في ضربة الذبان قال الله ” ولكن أُميز في ذلك اليوم أرض جاسان حيث شعبي مقيم حتى لا يكون هناك ذبان ” (خر 8 : 22).
ب – في وباء الماشية ” فماتت جميع مواشي المصريين. وأما مواشي بني إسرائيل فلم يمت منها واحد ” (خر 9 : 6).
جـ – في ضربة البَرَد ” فضرب البَرَد في كل أرض مصر جميع ما في الحقل من الناس والبهائم.. إلاَّ أرض جاسان حيث كان بنو إسرائيل فلم يكن فيها بَرَد ” (خر 9 : 25، 26).
د – في ضربة الظلام ” فكان ظلام دامس في كل أرض مصر ثلاثة أيام.. ولكن جميع بني إسرائيل كان لهم نور في مساكنهم ” (خر 10 : 22، 23).
هـ- في ضربة الأبكار مات كل أبكار المصريين بينما نجى أبكار بني إسرائيل.
4- لو كانت هذه الضربات ظواهر طبيعية، وأن الضربة العاشرة ما هي إلاَّ وباء أصاب المصريون، فلماذا مات الأبن البكر في كل أسرة ولم يمت أحد غيره، هل الوباء كان له عقل مفكر يختار الأبن البكر دون أخوته ودون والديه؟!!
5- قال الله عن هذه الضربات ” هل شرع الله أن يأتي ويأخذ لنفسه شعباً من وسط شعبٍ بتجارب وآيات وعجائب وحرب ويد شديدة وذراع رفيعة ومخاوف عظيمة مثل كل ما فعل لكم الرب إلهكم في مصر أمام أعينكم ” (تث 4 : 34) فهل الله يدعو هذه الضربات آيات وعجائب ثم يقول إنسان لا، بل أنها مجرد ظواهر طبيعية تخلو من جانب الإعجاز؟!!
6- لماذا نستبعد أن تكون هذه الضربات آيات وعجائب ومعجزات صنعها الله من أجل هدف نبيل وهو خلاص شعبه من أرض العبودية، وأيضاً لكيما يعرف المصريون الإله الحقيقي من الآلهة المزيفة؟ أليس الله قادر على كل شئ؟!
7- لم تأتي الضربات مصادفةً، بل كانت تبدأ وكانت تنتهي بحسب الأمر الإلهي أو صلاة موسى فمثلاً في ضربة الضفادع طلب موسى من فرعون أن يحدد له الوقت الذي يصلي فيه لتنتهي الضربة فحدد له الغد، وفي الغد ماتت الضفادع (خر 8 : 9 – 12) وفي ضربة البَرَد حدد الله اليوم التالي للضربة (خر 9 : 18) تقول الأخت الإكليريكية ماريهام رفعت أمين – إكليريكية شبين الكوم عن ضربة البَرَد ” أن الرب حدد اليوم والساعة اللذان تقع فيهما ضربة البَرَد ” ها أنا غداً مثل الآن أُمطر بَرَداً عظيماً جداً لم يكن مثله في مصر منذ تأسيسها إلى الآن ” (خر 9 : 18) وبذلك أعلن الله أن هذه الضربة لم تقع بالصدفة، أو كأمر طبيعي، ولكنها حدثت بتدبيره وسلطانه وحده، ولو كانت هذه الضربة أمراً طبيعياً فلماذا جاءت فريدة في قوتها؟! ” ضرب البَرَد في كل أرض مصر جميع ما في الحقل من الناس والبهائم وضرب البَرَد جميع خشب الحقل وكسر جميع شجر الحقل. إلاَّ أرض جاسان ” (خر 9 : 25 : 26) ” [ من أبحاث النقد الكتابي الإكليريكية ].
(1) في رحاب الكتاب -1- العهد الأول ص 208
(2) البدايات أو مسيرة الإنسان إلى الله ص 17.
(1) الأسطورة والحقيقة في القصص التوراتية ص 13.
(2) ترجمة نكلس نسيم – التفسير الحديث للكتاب المقدَّس – العهد القديم – خروج ص 102