هل من الإنصاف أن تقضي المرأة نصف عمرها نجسة (لا 15: 19 – 24)؟
ويقول الناقد تخيل إمرأة يأتيها الطمث لمدة سبعة أيام تكون فيها نجسة، ثم تستمر في نجاستها أسبوع آخر، أي نصف شهر، وهذا يعني أن نصف عمرها تكون نجسة منبوذة كالجربانة، لا يصح أن يلمسها أحد، أو يلمس شيئاً مما لمسته، والأغرب من هذا لكي تتخلص من نجاستها عليها أن تذهب للكاهن بفرخي حمام. تصوَّر ياأخي هذا المشهد مع ما فيه من إحراج للمرأة وهي ذاهبة للكاهن والناس ترمقها بنظراتها المسمومة، والمدهش أن هذا الحيض الذي يأتيها مـن الله الذي خلقها هكذا يجعلها خاطئة (البهريز جـ 1 س147، وموقع بشبكة الإنترنت).
حلمي القمص يعقوب
1- لا أدري إن كان الناقد يجهل الحقيقة فيخلط بين حالة المرأة أثناء فترة طمثها الطبيعي وبين حالتها إذا كانت مصابة بمرض معين، أو أن الناقد يعرف الحقيقة ولكنه سيئ النية، وتوضحياً للموقف نقول أننا أمام حالتين، الأولى : حالة المرأة في فترة طمثها الطبيعية ” إمرأة لها سيل وكان سيلها دماً في لحمها فسبعة أيام تكون في طمثها وكل من مسها يكون نجساً إلى المساء ” (لا 15 : 19) فهي تحتاج إلى فترة راحة لا يجتمع بها زوجها، وبعد أيامها السبعة تعود إلى طبيعتها الأولى، وإن كانت مدة الحيض تستغرق ثلاثة أو أربعة أيام، فإن الوحي جعلها سبعة أيام من باب الإحتياط، وقد ثبت أن المرأة في فترة الحيض تكون أشد حساسية، فهي فعلاً تحتاج إلى فترة راحة تعتزل فيها عن المجتمع بقدر الإمكان.
والحالة الثانية : هي حالة المرأة المريضة ” إذا كانت إمرأة يسيل سيل دمها أياماً كثيرة في غير وقت طمثها ” (لا 15 : 25) فهذه تُعتبر نجسة طوال فترة مرضها، وعندما يتوقف نزيفها تنتظر سبعة أيام لتتأكد من هذا، وفي اليوم الثامن من توقف النزيف تقدم ذبيحة ” وإذا طهرت من سيلها تُحسب لنفسها سبعة أيام ثم تطهر0 وفي اليوم الثامن تأخذ لنفسها يمامتين أو فرخي حمام وتأتي بهما إلى الكاهن إلى باب خيمة الإجتماع0 فيعمل الكاهن الواحد ذبيحة خطية والآخر محرقة ويكفر عنها الكاهن أمام الرب ” (لا 15 : 28 – 30).
2- موقف المرأة لن يكون محرجاً أمام الناس على الإطلاق.. لماذا؟ لأن هذه الذبيحة كانت تُقدم في عـدة مواقـف، فمثلاً من يريـد أن يقدم ذبيحة محرقة يمكنه أن ” يُقرب قربانه من اليمام أو من أفراخ الحمام ” (تث 1 : 14) والفقير الذي يقدم ذبيحة إثم ” إن لم تنل يده كفاية شاه فيأتي بذبيحة لإثمه الذي أخطأ به يمامتين أو فرخي حمام إلى الرب أحدهما ذبيحة خطية والآخر محرقة ” (لا 5 : 7) وبعد ولادة المرأة وتمام أيام تطهيرها ” إن لم تنل يدها كفاية لشاه تأخد يمامتين أو فرخي حمام الواحد محرقة والآخر ذبيحة خطية فيكفر عنها الكاهن فتطهر ” (لا 12 : 8).
3- يوضح القمص تادرس يعقوب الفرق بين الحالتين : ” الحالة الطبيعية للمرأة : يقصد بالسيل هنا المرض الشهري ” فترة الطمث “.. وقد حسبها نجسة لمدة سبعة أيام لكي تتمتع بفترة راحة جسدية، وقد منع العلاقات الزوجية في تلك الفترة، ربما لسببين : أولاً لأجل راحة الزوجة في فترة تعبها، وثانياً لكي يقدس العلاقات الزوجية فلا تكون عن شهوة غير مضبوطة خاصة وأن المرأة لا تحمل في هذه الفترة، فتكون العلاقة خارج هدف الإنجاب.
الحالة المرضية للمرأة : يقصد بها النزف المستمر..وقد حسبها نجسة مادامت تنزف، حتى تدرك خطورة الموقف وتهتم بالعلاج. إذا شفيت تبقى تحت الفحص سبعة أيام أو تقدم ما يقدمه الرجل عند تطهيره من سيله في اليوم الثامن ” (1).
4- بينما يقول الأستاذ علاء أبو بكر عن طمث المرأة ” وهذا يعني أن نصف عمرها تكون نجسة منبوذة كالجربانة ” (البهريز جـ 1 س147) فأنه في موضع آخر يقول أن الله ” ضرب عليها أن تعيش ربع عمرها نجسة ” (البهريز جـ 2 س154) وهكذا يتخبط الناقد ولا يثبت على رأي، فهو لا يدري بحسب النظرية النقدية أنها تمضي نصف أو ربع عمرها نجسة !!
(1) تفسير سفر اللاويين ص 154