لو كان لديك أبنين ضرب أحدهما الآخر ففقأ عينه، فهل من الحكمة أن تأمر المصاب بأن يفقأ عين المعتدي (خر 21: 23 – 25)؟ وهل تفضل أن يكون كل من أبنيك الأثنين أعور عوضًا أن يكون أحدهما فقط أعور؟
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
حلمي القمص يعقوب
1- تدرج الله بالبشرية خطوة خطوة، ففي الخطوة الأولى من آدم حتى موسى ساد فيها الناموس الأدبي، فكان الضمير الذي أودعه الله للإنسان يحكم تصرفاته ويعطيه القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وبهذا الضمير صرخ يوسف الصديق قائلاً ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله ” (تك 39 : 9) ولكن عندما تمتلك الخطية الإنسان يمسي ضميره مستبيحاً، وهذا ما عبر عنه لامك الذي كان يقابل الجرح بالقتل ” فأني قتلت رجلاً لجرحي وفتى لشدخي ” (تك 4 : 13) ولذلك جاء الناموس، وهو يعبر عن الخطوة الثانية تجاه الملكوت، فحجَّم الشر، ولم يسمح بأن يزيد الضرر عـن مثيله، ولذلك جاءت الوصية ” وإن حصلت أذية تعطى نفساً بنفس. وعيناً بعين وسناً بسنٍ ويداً بيد ورجلاً برجلٍ. وكيَّاً بكي وجرحاً بجرحٍ ورضا برضٍ ” (خر 21 : 23 – 25) فعوضاً عن أن الإنسان يقتل من أصابه في أحد أعضائه، ألزم الإنسان بالتحكم في النفس، حتى لا يستشرى الشر، مع ملاحظة أن هذه الأحكام وُضعت أساساً للقضاة، فالمتضرر يلجأ للقضاء الذي يحكم، وينفذ الحاكم ما أصدره القضاء بناء على الشريعة الإلهية، ومن قتل يُقتل، ومع هذه الشريعة، قد أوصى الله الإنسان بالإحسان إلى عدوه، فإن وجد ثوره أو حماره شارداً يرده إليه، وإن رأى حماره واقفاً تحت حمل ينقذه (خر 23 : 4، 5).
أما الخطوة الثالثة فجاءت بها شريعة العهد الجديد، حيث التسامح ” فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس ” (رو 12 : 18) وعدم مقاومة الشر بالشر ” من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً ” (مت 5 : 39) وعندما سأل بطرس السيد المسيح عما إذا كان يغفر لمن أساء إليه إلى سبع مرات، أجابه رب المجد ” لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات ” (مت 18 : 22). والأمر الذي يثير الإهتمام هو هل بعد أن أعطى الله للإنسان شريعة الكمال وطالبه بالصفح غير المشروط، هل يعود به للخلف ويطالبه عين بعين وسن بسن والبادئ أظلم؟!
2- يقول ” أوزلد ت0 ولس ” : بخصوص شريعة { المِثل بالمِثل } هذه نلاحظ ثلاثة أمور : الأول : أنه قُصد بها أن تكون عدلاً دقيقاً وليس على سبيل الإنتقام، وثانياً : أنها لم تكن إنتقاماً شخصياً بل عدلاً علينا عاماً، وثالثا : إخراج جريمة قتل النفس من الجرائم التي تجوز فيها الفدية (عد 35 : 31 وما بعدها) يجعل من المُرجَح أن التعويض عن الأضرار كثيراً أو عادة يكون على سبيل الغرامة ” (1)
(1) مركز المطبوعات المسيحية – تفسير الكتاب المقدَّس جـ1 ص 327