هل يمكن إلقاء الضوء على مملكة وشريعة حمورابي؟
هل نسيت كلمة المرور؟ الرجاء إدخال بريدك الإلكتروني، وسوف تصلك رسالة عليه حتى تستطيع عمل كلمة مرور جديدة.
أول وأكبر موقع للأسئلة والأجوبة المسيحية والذي يخدم جموع الشعب الناطقين باللغة العربية في كل بقاع العالم.
يلذ لنا إلقاء الضوء قليلاً على الملك البابلي حمورابي من جهة مملكته وشريعته :
أولاً – مملكة حمورابي : إسم حمورابي إسم أكادي معناه ” الرب أمُّو عظيم ” وحمل هذا الأسم ستة من ملوك الأسرة البابلية الأولى، وملك حمورابي نحو 43 سنة (1793 – 1750 ق.م) فكان من أعظم ملوك بابل، فقد إزدهرت البلاد على يديه إزدهاراً باهراً، فاهتم بحفر الترع وإقامة السدود، وإصلاح الجهاز الإداري، والقضاء على الرشوة، وإهتم بالجيش ففي السنة الواحدة والثلاثين من حكمه إلتحــم فــي معركة ضخمة مع ” ريمسن ” ملك ” لارسا ” وإنتصر عليه، ثــم إنتصـر على ” عيلام ” و ” أشنوناك ” و ” ياموتيل ” و ” زمري لم ” ملك مملكة مادي، ووحد حمورابي هذه البلاد وأنشأ الإمبراطورية البابلية الأولى التي إمتدت إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
وأراد حمورابي أن يقر العدل في مملكته، لذلك وضع قوانينه التي إستمدها من الشرائع التي إنتشرت في عصره مثل شريعة أورغو، ولبت عشار، وإيشنوتا، وأوركاجيتا .. إلخ وبدأ حمورابي قوانينه بمدح نفسه وذكر أعماله في جميع المدن التي أخضعها لسلطانه من الخليج العربي وحتى أقصى الحدود الشمالية، كما أطرى على آلهة هذه المدن، وأكد على شرعية قوانينه التي تقر العدالة، فإن مردوخ إله بابل قد إختاره لكي يبسط العدل في جميع نواحي البلاد، ويسلم المذنبين والأشرار للهلاك وختم قوانينه بقصيدة غنائية له، فهو الملك الذي يحارب الظلم، ويطلب من الآلهة إفناء كل من لا يعمل بهذه القوانين أو يحاول طمسها أو تخريبها أو إضافة إسمه عليها.
وفي سنة 1901 – 1902 م إكتشفت البعثة الفرنسية بقيامة ” مورجان ” Mourgan في أعماق أرض مدينة سوسة عاصمة عيلام حجراً من الديورايت البركاني، ويبلغ إرتفاع هذا الحجر 25ر2 م وقطره 60 سم، ومحيطه مترين تقريباً، ونقش عليه صورة الملك حمورابي واقفاً يتعبد لإله الشمس الجالس على عرشه، وأشعة الشمس تنبعث من أكتافه، وحمورابي يمد يده يتسلم منه أدوات القياس علامة إعمار البلاد، وصولجاناً وخاتماً علامة العدالة، ونقش على الحجر 44 عموداً بالخط المسماري تمثل قوانين حمورابي، وربما كانت تشمل 300 مادة، ولكن الملك ” شتروك ” محى منها 18 مادة بقصد تسجيل إسمه، ولكن على ما يبدو أنه خشى تدوين إسمه بسبب اللعنات التي زيلت القوانين وتصب الويل على من يضيف إسمه0 وكان الملك العيلامي ” شترك ناخونتي ” هو الذي نقل هذا النصب من بابل إلى مدينة سوسه سن 1171 ق.م .
وقام ” شيل ” بترجمة هذه القوانين لللغة الفرنسية، ثم قام الباحث العبري ” دافيد هينرمس موللر ” بترجمة هذه القوانين للعبرية، وقارن بينها وبين شريعة موسى، وأحصى ” يوهانس يرمياس “أربعة وعشرين حكماً مشتركاً بين قوانين حمورابي وشريعة موسى خاصة بالعبودية والأسرة، وظلم الإنسان، وسرقة البقر، والثور النطاح، والسرقة في السر، وأحكام الوديعة وأحكام سرقتها، وأحكـام المعاشرة، وإحترام الأب (راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 174 وزالمان شازار – تاريخ نقد العهد القديم ص 160، والأب سهيل قاشا – أثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية).
ثانياً – شريعة حمورابي : قسمها البعض إلى ثمانية مواضيع أساسية، وقسمها البعض إلى 13 موضوع، وقسمها آخرون إلى 12 موضوع هي :
ولم تسمح قوانين حمورابي بتعدد الزوجات، حتى المرأة العاقر لو قدمت جاريتها لزوجها وأنجب منها فإنه لا يقدر أن يتزوج بأخرى0 أما إذا لم تنجب الجارية فمن حق الزوج أن يتزوج ثانية (مادة 144، 145) وعلى الجارية أن تُظهر الإحترام اللائق لسيدتها وإلاَّ تجردها سيدتها من وضعها المميز، ولكن لا تباع كعبدة إذا أنجبت ولداً (مادة 146، 147) أما إذا أُصيبت الزوجة بمرض عضال فمن حق الزوج أن يتزوج بأخرى (مادة 148، 149) والمرأة التي تقتل زوجها بسبب عشيقها يحكم عليها بالموت على الخازوق (مادة 153) والزنى بالمحارم يقود إلى النفي أو القتل (مادة 154 – 156) والخطيب الذي يفسخ خطوبته يخسر كل الهدايا التي قدمها لخطيبته، أما إذا فسخ والـد العروس الخطوبة فإنه يرد ضعف الهدايا التي قدمها الخطيب وكذلك المهر (مادة 159 – 161).
ولا يسمح بحرمان الإبن من الميراث إلاَّ إذا إرتكب أخطاء جسيمة، وبعد إنذار مسبق (مادة 168، 169) وأبناء الإماء ليس لهم نصيب في الميراث إلاَّ إذا إعترف الأب ببنوتهم له (مادة 170) والزوجة تشارك الأولاد في الميراث فتحصل على نصيب إبن من الأبناء بشرط ألا يزيد عـن ربع التركة (مادة 172) ويمكن للأرملة أن تتزوج ثانية، ولكنها تفقد حقها في تركة زوجها المتوفي ويؤول نصيبها إلى أولادها (مادة 172 – 177) .
ولا يتخلى الأب عن أبنائه الذين تبناهم (مادة 185 – 187) وإذا قدم الوالدان إبنهما لأحد السادة ليتبناه لا يمكنهما إسترداده (مادة 188، 189) والإبن المُتبنى إن عصى والده يُقطع لسانه (مادة 192) أو تُقلــع أحد عينيه (مادة 193) والمرضعة غير الأمينة تتعرض لعقاب صارم (مادة 194) والأبناء الذين يتعدون على أبائهم بالضرب يتعرضون لقطـع أيديهـم (مادة 195).
(راجع دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 174، 177، وفراس السواح – مغامرة العقل الأولى ص 264 – 267، والأب سهيل قاشا – أثر الكتابات البابلية في المدونات التوراتية ص 8 – 20 بالإضافة للمراجع العديدة التي إستشهد بها الأب سهيل قاشا في كتابه السابق).
(1) دائرة المعارف الكتابية جـ 3 ص 174